(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(٤٠) وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ (٤٣) إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (٤٤) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٤٥)
ووزنه فعلون من الانعراج وهو الانعطاف (الْقَدِيمِ) العتيق المحول ، وإذا قدم دقّ وانحنى واصفر ، فشبه القمر به من ثلاثة أوجه.
٤٠ ـ (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها) أي لا يتسهل لها ولا يصحّ ولا يستقيم (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره لأنّ لكلّ واحد من النيّرين سلطانا على حياله ، فسلطان الشمس بالنهار وسلطان القمر بالليل (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) ولا يسبق الليل النهار ، أي آية الليل آية النهار وهما النّيّران ، ولا يزال الأمر على هذا الترتيب إلى أن تقوم القيامة فيجمع (١) بين الشمس والقمر وتطلع الشمس من مغربها (وَكُلٌ) التنوين فيه عوض من المضاف إليه ، أي وكلّهم والضمير للشموس والأقمار (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يسيرون.
٤١ ـ (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) ذرياتهم مدني وشامي (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي المملوء ، والمراد بالذرية الأولاد ومن يهمّهم حمله ، وكانوا يبعثونهم إلى التجارات في بر أو بحر ، أو الآباء لأنها من الأضداد ، والفلك على هذا سفينة نوح عليهالسلام ، وقيل معنى حمل الله ذرياتهم فيها أنه حمل فيها آباءهم الأقدمين وفي أصلابهم هم وذرياتهم. وإنما ذكر ذرياتهم دونهم لأنه أبلغ في الامتنان عليهم.
٤٢ ـ (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ) من مثل الفلك (ما يَرْكَبُونَ) من الإبل ، وهي سفائن البرّ.
٤٣ ـ (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) في البحر (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) فلا مغيث أو فلا إغاثة (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) لا ينجون.
٤٤ ـ (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) أي ولا ينقذون إلا لرحمة منا ولتمتيع بالحياة إلى انقضاء الأجل ، فهما منصوبان على المفعول له.
٤٥ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) أي ما تقدّم من ذنوبكم وما
__________________
(١) في (ظ) و (ز) فيجمع الله.