(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٣٩)
٣٦ ـ (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ) الأصناف (كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) من النخيل والشجر والزرع والثمر (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) الأولاد ذكورا وإناثا (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها ، ولا توصلوا إلى معرفتها ، ففي الأودية والبحار أشياء لا يعلمها الناس.
٣٧ ـ (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) نخرج منه النهار إخراجا لا يبقى معه شيء من ضوء النهار ، أو ننزع عنه الضوء نزع القميص الأبيض فيعرى نفس الزمان كشخص زنجيّ أسود ، لأنّ أصل ما بين السماء والأرض من الهواء الظلمة فاكتسى بعضه ضوء الشمس كبيت مظلم أسرج فيه فإذا غاب السراج أظلم (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) داخلون في الظلام.
٣٨ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي) وآية لهم الشمس تجري (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) لحدّ لها موقت مقدر تنتهي إليه من فلكها في آخر السنة ، شبه بمستقرّ المسافر إذا قطع مسيره ، أو لحدّ لها من مسيرها كلّ يوم في مرائي عيوننا ، وهو المغرب ، أو لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا (ذلِكَ) الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الغالب بقدرته على كلّ مقدور (الْعَلِيمِ) بكل معلوم.
٣٩ ـ (وَالْقَمَرَ) نصب بفعل يفسّره (قَدَّرْناهُ) وبالرفع مكي ونافع وأبو عمرو وسهل على الابتداء ، والخبر قدرناه ، أو على وآية لهم القمر (مَنازِلَ) وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كلّ ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه على تقدير مستو يسير فيها من ليلة المستهلّ إلى الثامنة والعشرين ، ثمّ يستتر ليلتين أو ليلة إذا نقص الشهر ، ولا بدّ في قدرناه منازل من تقدير مضاف لأنه لا معنى لتقدير نفس القمر منازل أي قدرنا نوره فيزيد وينقص ، أو قدرنا سيره (١) منازل فيكون ظرفا ، فإذا كان في آخر منازله دقّ واستقوس (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ) هو عود الشّمراخ إذا يبس واعوجّ ،
__________________
(١) في (ز) مسيره.