(وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ) (٣٥)
الميتة آية ، وكذلك نسلخ ، ويجوز أن توصف الأرض والليل بالفعل لأنه أريد بهما الجنسان مطلقين (١) لا أرض وليل بأعيانهما ، فعوملا معاملة النكرات في وصفهما بالأفعال ، ونحوه (٢) : ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني (وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا) أريد به الجنس (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) قدّم الظرف ليدلّ على أنّ الحبّ هو الشيء الذي يتعلق به معظم العيش ويقوم بالارتزاق منه صلاح الإنسان (٣) ، وإذا قلّ جاء القحط ووقع الضرّ ، وإذا فقد حضر الهلاك ونزل البلاء.
٣٤ ـ (وَجَعَلْنا فِيها) في الأرض (جَنَّاتٍ) بساتين (مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) من زائدة عند الأخفش وعند غيره ، المفعول محذوف تقديره ما ينتفعون به.
٣٥ ـ (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) والضمير لله تعالى أي ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر. من ثمره حمزة وعليّ (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي ومما عملته أيديهم من الغرس والسّقي والتلقيح وغير ذلك من الأعمال إلى أن يبلغ الثمر منتهاه ، يعني أنّ الثمر في نفسه فعل الله وخلقه ، وفيه آثار من كدّ بني آدم ، وأصله من ثمرنا كما قال وجعلنا وفجّرنا ، فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة على طريق الالتفات ، ويجوز أن يرجع (٤) إلى النخيل وتترك الأعناب غير مرجوع إليها ، لأنه علم أنها في حكم النخيل مما علّق به من أكل ثمره ، ويجوز أن يراد من ثمر المذكور وهو الجنّات ، كما قال رؤبة.
فيها خطوط من بياض وبلق (٥) |
|
كأنه في الجلد توليع البهق (٦) |
فقيل له ، فقال : أردت كأن ذاك ، وما عملت كوفي غير حفص ، وهي في مصاحف أهل الكوفة كذلك ، وفي مصاحف أهل الحرمين والبصرة والشام مع الضمير ، وقيل ما نافية على أنّ الثمر خلق الله ولم تعمله أيدي الناس ولا يقدرون عليه (أَفَلا يَشْكُرُونَ) استبطاء وحثّ على شكر النعمة.
__________________
(١) في (ظ) جنسان مطلقين ، وفي (ز) جنسان مطلقان.
(٢) لم أصل إلى أصله.
(٣) في (ظ) و (ز) الإنس.
(٤) في (ظ) و (ز) أن يرجع الضمير.
(٥) البلق : سواد وبياض (القاموس ٣ / ٢١٤).
(٦) البهق : بياض رقيق ظاهر البشرة لمخالطة المرّة السوداء الدم (القاموس ٣ / ٢١٦).