بلوغه حدّ التمييز عند الشافعي في القديم (١) ، فإذا بلغ وانتسب إلى أحدهما رجع الآخَر عليه بما أنفق ، قاله الشافعي (٢).
ويحتمل عدم الرجوع ؛ لأنّه مُقرٌّ باستحقاق الإنفاق عليه.
ولو انتفت البيّنة عنهما ، فقد قلنا بالقرعة ، وعند الشافعي وأحمد الرجوع إلى القافة ، فإن لم توجد قافة أو أشكل الأمر عليها أو تعارضت أقوالها أو وُجد مَنْ لا يوثق بقوله ، لم يرجّح أحدهما بذكر علامةٍ في جسده ؛ لأنّ ذلك لا يرجّح به في سائر الدعاوي سوى الالتقاط في المال ، ويضيع نسبه (٣).
ولهم قولٌ آخَر : إنّه يُترك حتى يبلغ وينتسب إلى مَنْ شاء (٤).
وقال أصحاب الرأي : يلحق بالمدّعيين بمجرّد الدعوى ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما لو انفرد سُمعت دعواه ، فإذا اجتمعا وأمكن العمل بهما وجب ، كما لو أقرّا له بمالٍ (٥).
وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ دعواهما تعارضت ، ولا حجّة لواحدٍ منهما ، فلم يثبت ، كما لو ادّعيا رقّه.
وقول الشافعي : « إنّه يُحكم به لمن يميل قلبه إليه » (٦) ليس بشيءٍ ؛
__________________
(١) المغني ٦ : ٤٣٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٤٠.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠٦.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١٥ و ٤١٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٥٠٥ ـ ٥٠٦ و ٥٠٨ ، المغني ٦ : ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٣٩.
(٤) المغني ٦ : ٤٣٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٣٩ ، وراجع : الهامش (١) من ص ٣٧٧.
(٥) المغني ٦ : ٤٣٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٤٠ ، وراجع : الهامش (٤) من ص ٣٧٥.
(٦) راجع : الهامش (١) من ص ٣٧٧.