له ، وهنا لم تحصل له بالقبض منفعة معجّلة ، فافترقا (١).
إذا عرفت هذا ، فإنّ قوله مقبول في التلف ، سواء ادّعى التلف بسببٍ ظاهر أو خفيّ أو لم يذكر سبباً ، وسواء أمكنه إقامة البيّنة على السبب أو لا.
وللشافعي تفصيل (٢) تقدّم مثله في الوديعة (٣).
مسألة ٢٧٨ : لو اختلف المالك والعامل في ردّ المال ، فادّعاه العامل وأنكره المالك ، فالأقوى : تقديم قول المالك ـ وهو قول أحمد ، وأحد وجهي الشافعيّة (٤) ـ لأنّه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في ردّه إلى المالك ، كالمستعير ، ولأنّ صاحب المال منكر والعامل مدّعٍ ، فيُقدَّم قول المنكر مع اليمين إذا لم تكن هناك بيّنة.
والوجه الثاني لأصحاب الشافعي : إنّه يُقدَّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّه أمين ، ولأنّ معظم النفع لربّ المال ، والعامل كالمستودع (٥).
ونمنع أنّه أمين في المتنازع ، ولا ينفع في غيره.
والفرق بينه وبين المستودع ظاهر ؛ فإنّ المستودع لا نفع له في الوديعة البتّة.
ونمنع أنّ معظم النفع لربّ المال. سلّمنا ، لكنّ العامل لم يقبضه إلاّ لنفع نفسه ، ولم يأخذه لنفع ربّ المال.
__________________
(١) راجع : البيان ٧ : ٢٠٤.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.
(٣) راجع : ج ١٦ ـ من هذا الكتاب ـ ص ٢١٢ ، المسألة ٦٢.
(٤ و ٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٤ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، البيان ٧ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.