العامّة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، لا يُعضد شوكه ، ولا يُنفَّر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلاّ مَنْ عرّفها » (١) وروي : « لا تحلّ لقطتها إلاّ لمنشدٍ » (٢) أي : لمعرّفٍ ، والمعنى على الدوام ، وإلاّ فالحكم في سائر البلاد كذلك ، ولا تظهر فائدة التخصيص.
ومن طريق الخاصّة : ما رواه سعيد بن عمرو الجعفي (٣) قال : خرجتُ إلى مكة وأنا من أسوأ الناس حالاً فشكوتُ إلى أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، فلمّا خرجتُ وجدتُ على بابه كيساً فيه سبعمائة دينار ، فرجعتُ إليه من فوري ذلك فأخبرتُه ، فقال : « يا سعيد اتّق الله عزّ وجلّ ، وعرِّفه في المشاهد » وكنتُ رجوتُ أن يرخّص لي فيه ، فخرجتُ وأنا مغتمّ فأتيتُ منى فتنحّيتُ عن الناس حتى أتيتُ الماقوفة (٤) فنزلتُ في بيتٍ متنحّياً عن الناس ثمّ قلت : مَنْ يعرف الكيس؟ فأوّل صوتٍ صوّت إذا رجل على رأسي يقول : أنا صاحب الكيس ، فقلت في نفسي : أنت فلا كنت ، قلت : ما علامة الكيس؟ فأخبرني بعلامته ، فدفعته إليه ، فتنحّى ناحيةً فعدّها فإذا الدنانير على حالها ثمّ عدَّ منها سبعين ديناراً فقال : خُذْها حلالاً خير لك من سبعمائة حراماً ، فأخذتُها ثمّ دخلتُ على الصادق عليهالسلام فأخبرتُه كيف تنحّيتُ
__________________
حلية العلماء ٥ : ٥٢٢ ـ ٥٢٣ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٤ : ٥٥٢ ، البيان ٧ : ٤٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧ ، المغني ٦ : ٣٦٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٥.
(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٦ ـ ٩٨٧ / ١٣٥٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١٩٥.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٦ ، الهامش (٣).
(٣) في التهذيب : « الخثعمي » بدل « الجعفي ».
(٤) في الكافي : « الموقوفة ». والماقوفة لعلّها اسم موضعٍ ، أو محلّ الوقوف بمنى ، كما في ملاذ الأخيار ١٠ : ٤٢٦.