وشراءً ثمّ دفع إليه ألفاً أُخرى قراضاً ، تعدّد القراضان على معنى أنّ ربح كلّ واحدةٍ منهما لا يجبر خسران الأُخرى ، بل تختصّ كلٌّ منهما بربحها وخسرانها ، وجبر خسرانها من ربحها خاصّةً.
فإن قال المالك : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، بعد أن اشتغل العامل بالتجارة ، لم يصح القراض الثاني ؛ لأنّ ربح الأوّل قد استقرّ ، فكان ربحه وخسرانه مختصّاً به ، فإذا شرط ضمّ الثانية إليه ، اقتضى أن يجبر به خسران الأُولى إن كان فيه خسران ، ويجبر خسران الثانية بربح الأوّلة ، وهو غير جائزٍ ؛ لأنّ لكلّ واحدٍ من العقدين حكماً منفرداً ، فإذا شرط في الثاني ما لا يصحّ ، فسد.
وإن كان قبل أن يتصرّف في الأُولى (١) وقال له : ضمّ الثانية إلى الأُولى ، جاز ، وكان قراضاً واحداً.
ولو كان المال الأوّل قد نضّ وقال له المالك : ضمّ الثانية إليه ، جاز ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه قد أمن فيه المعنى الذي ذكرناه ، وصار كأنّه لم يتصرّف.
ولما رواه محمّد بن عذافر عن أبيه قال : أعطى الصادق عليهالسلام أبي ألفاً وسبعمائة دينار فقال له : « اتّجر لي بها » ثمّ قال : « أما إنّه ليس لي رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوباً فيه ، ولكن أحببتُ أن يراني الله تعالى متعرّضاً لفوائده » قال : فربحتُ فيها مائة دينار ثمّ لقيته فقلت له : قد ربحتُ لك فيها مائة دينار ، قال : ففرح الصادق عليهالسلام بذلك فرحاً شديداً ثمّ قال لي : « أثبتها
__________________
(١) في « ث » ، خ ، ر » : « الأوّلة » بدل « الأُولى ».
(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٢٧.