فها نحن اليوم
في مواجهة لمّة من روايات مدسوسة وأحاديث موضوعة هي بحطّ شأن الأئمّة أشبه منها
برفع موضعهم الكريم. وسيأتي بعض الكلام في ذلك وأنّ جماعة جاهلة كانوا قد أولعوا
بالوضع والدسّ في أحاديث أهل البيت ، وربّما كانوا (يَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً.) والشيعة منهم براء «فتلك بيوتهم خاوية على عروشها»
فاعتبر ولا تسترسل.
وبعد فإليك بعض
ما صحّ من تأويلات جارية على منوالها المتين :
قال تعالى : (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ
الْمِيزانَ. أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ
وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ).
قال الشيخ أبو
جعفر الطوسي : وقيل : المراد بالميزان : العدل ، لأنّ المعادلة موازنة الأسباب ،
والطغيان : الإفراط في مجاوزة الحدّ في العدل .
وهذا أخذ
بمفهوم الميزان العامّ ، لأنّ الموازنة هي المعادلة بين الأشياء وكذا بين الأمور ،
فيشمل المحسوس والمعقول.
قال العلّامة
الطباطبائي : المراد بالميزان كلّ ما يوزن أي يقدّر به الشيء أعمّ من أن يكون
عقيدة أو قولا أو فعلا. قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا
رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ، فظاهره مطلق ما يميّز به الحقّ من الباطل والصدق من
الكذب والعدل من الظلم والفضيلة من الرذيلة ، على ما هو شأن الرسول فيما يأتي به
من عند ربّه .
[م / ٣٨] وفي
الأثر : «وبالعدل قامت السماوات والأرض» .
[م / ٣٩] سئل
الإمام الصادق عليهالسلام : «ما الميزان؟ قال : العدل» .
[م / ٤٠] وفي
حديث آخر في قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) ، قال :
«أطيعوا الإمام
بالعدل ولا تبخسوه من حقّه» .
[م / ٤١] وقال
في قوله : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي
الْمِيزانِ :) «لا تطغوا في الإمام بالعصيان والخلاف» .
__________________