نعم لا بدّ أن
نلحظ مقارنات الآية وملابساتها حسب التنزيل ، فما كان له دخل في صلب رسالتها
أبقيناه وما لا دخل له أعفيناه وذلك على طريقة السبر والتقسيم المنطقي .
ففي آية السؤال
من أهل الذكر نرى أنّها نزلت بشأن المشركين لمكان جهالتهم بأصول
النبوّات.
لكنّ المشركين
بما أنّهم مشركون لا مدخل لهم في الأمر ، وإنّما موضع جهالتهم بالذات. وكذا لم يكن
لخصوص مسألة إمكان نبوّة بشر مدخل ، بل كلّ أمر جهلوه سواء من الأصول أم الفروع.
وهكذا الرجوع
إلى اليهود ومسائلة أهل الكتاب ، إنّما كان لأجل كونهم أهل علم وعارفين بما يجهله
المشركون.
فلو أعفينا تلك
الملابسات ، وأخذنا بلبّ الكلام ، لكان المستخرج المستخلص منه : أنّ على كلّ جاهل
في أيّ مسألة من المسائل ، أن يراجع العلماء في ذلك. وهذا هو فحوى الآية الشامل
وهي رسالة الآية العامّة إلى الملأ من العالمين.
وهكذا في جميع
الآيات التي هي بظاهرها نزلت بشأن خاصّ ، لا بدّ أنّ في طيّها رسالة عامّة هي أوسع
وأشمل من ظاهر التنزيل وبذلك يخرج القرآن عن كونه معالجة لقضايا خاصّة ترتبط وشؤون
أقوام عايشوه. ومن ثمّ فالعبرة ببطن القرآن العامّ لا بظهره الخاصّ.
لكنّ العمدة
إحكام طريقة هذا الاستخلاص فلا يكون تحميلا أو تفسيرا بالرأي! فلا بدّ من ضابط
يضبط جميع أطرافه وأن لا يشذّ منه شيء.
ضابطة التأويل
فإذ كان
للتفسير ضابطة يجب مراعاتها لئلّا يكون تفسيرا بالرأي ، فأجدر بالتأويل ـ وهو أفخم
شأوا وأخطر جانبا من التفسير ـ أن تكون له ضابطة تجمع أطرافه وتمنع الدخائل.
فرعاية
__________________