قال عليهالسلام : «هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلّ مخلوق ، عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه ، وتقطّع الأسباب من كلّ ما سواه.
وذلك أنّ كلّ مترئّس في هذه الدنيا أو متعظّم فيها ، وإن عظم غناؤه وطغيانه ، إذا كثرت حوائج من دونه إليه ، فإنّهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها هذا المتعاظم. وكذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها ، فينقطع إلى الله عند ضرورته وفاقته ، حتّى إذا كفي همّه ، عاد إلى شركه. أما تسمع الله عزوجل يقول : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ)(١).
قال تعالى لعباده : أيّها الفقراء إلى رحمتي ، إنّي قد ألزمتكم الحاجة إليّ في كلّ حال ، وذلّة العبوديّة في كلّ وقت. فإليّ فافزعوا في كلّ أمر تأخذون به وترجون تمامه وبلوغ غايته. فإنّي إن أردت أن أعطيكم لم يقدر غيري على منعكم ، وإن أردت أن أمنعكم لم يقدر غيري على إعطائكم. فأنا أحقّ من سئل وأولى من تضرّع إليه. فقولوا عند افتتاح كلّ أمر عظيم أو صغير : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) أي أستعين على هذا الأمر بالله الذي لا تحقّ العبادة لغيره. المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي ، الرحمان الذي يبسط الرزق علينا ، الرحيم بنا في أدياننا ودنيانا وآخرتنا».
[١ / ٣١٠] قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أحزنه أمر تعاطاه فقال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وهو مخلص لله عزوجل ويقبل بقلبه إليه ، لم ينفكّ عند إحدى اثنتين : إمّا بلوغ حاجته الدنياويّة ، وإمّا يعدّ له عنده ويدّخر لديه. وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين» (٢).
وسنذكر روايات اخرى بهذا الشأن.
***
أمّا الوجهان الأوّلان فلا مستند لهما لغويّا ، حيث لم يرد في اللغة «أله» مهموزا في أصله ، لا مفتوح العين ولا مكسوره. وأيضا لم يرد «أله» بمعنى «عبد» وإن ذكره صاحب القاموس ، إذ لا شاهد له في اللّغة. وأمّا «أله» بمعنى «تحيّر» فأصله «وله» حسبما تقدّم (٣).
ودليلا على أنّ «أله» ـ مهموزا ـ ليس أصلا في اللغة : أنّه لم يرد الاشتقاق منه في اللغة ثلاثيّا. قال الخليل بن أحمد الفراهيدي : وليس «الله» من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق «فعل» ، كما
__________________
(١) الأنعام ٦ : ٤٠ ـ ٤١.
(٢) تفسير الإمام : ٢٧ ـ ٢٨ / ٩.
(٣) راجع : مقاييس اللغة ١ : ١٢٧.