كان إذا دخل في صلاته قال : «الله أكبر ، بسم الله الرّحمان الرّحيم» (١). يعني : إذا أراد الإيجاز والاقتصار على الواجب من الصلاة.
وفي أحاديث وصف الصلاة ما يدلّ على ذلك.
[١ / ١٤٨] ففي صحيحة حمّاد ، حيث جاء الوصف لبيان الواجب منها ، اقتصر على التكبير ثمّ قرأ الحمد : «فقال : الله أكبر ، ثمّ قرأ الحمد ...» (٢).
ولكن حيث يأتي الوصف لبيان الآداب ، يذكر الاستعاذة أوّلا ثمّ البسملة :
[١ / ١٤٩] «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرّجيم ، بسم الله الرّحمان الرّحيم ...» (٣).
وبهذا الاستحباب قال أبو حنيفة وسفيان والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق (٤).
وقال مالك : لا يستعيذ :
[١ / ١٥٠] لحديث أنس (٥) : كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون الصلاة بالحمد لله ربّ العالمين. قال ابن قدامة : متّفق عليه (٦). ومن ثمّ كان مالك لا يرى الاستفتاح أيضا ، بل يكبّر ويقرأ (٧).
وحمل حديث أنس على إرادة الإيجاز في الصلاة المكتوبة ، كما ذكرناه بشأن حديث الصدوق الآنف. وقد ذكر الشيخ : أنّ مالكا كان لا يتعوّذ في المكتوبة ، ويتعوّذ في قيام شهر رمضان إذا قرأ (٨).
***
قال ابن الجزري : ذهب الجمهور إلى أنّ الاستعاذة مستحبّة في القراءة بكلّ حال ، في الصلاة وخارج الصلاة ، وحملوا الأمر في ذلك على الندب. وذهب داوود بن علي وأصحابه إلى وجوبها ، حملا للأمر على الوجوب ، كما هو الأصل ، حتّى أبطلوا صلاة من لم يستعذ. وقد جنح الإمام فخر الدّين الرازي إلى القول بالوجوب ، وحكاه عن عطاء بن أبي رباح ، واحتجّ له بظاهر الآية من حيث
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٠٦ / ٩٢٠.
(٢) المصدر : ٣٠٠ ـ ٣٠١ / ٩١٥.
(٣) المصدر : ٣٠٤ / ٩١٦.
(٤) الخلاف ١ : ٣٢٤ ؛ المغني ١ : ٥١٩.
(٥) المغني ١ : ٥١٩.
(٦) المصدر : ٥١٥.
(٧) المصدر. والاستفتاح : قول «سبحانك اللهم وبحمدك ... إلخ».
(٨) الخلاف ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥.