وقال الكسائي : قراءتهم ـ يعني أهل مكّة (وابن جريج مكّي) ـ : «ملك». وإنّما روي هذا الحديث لتقطيع القراءة ، ولا أدري ما قولهم «ملك»؟
قال ابن أبي داوود : وممّا يدلّ على أنّه كما قال أبي وكما قال الكسائي ، أنّ نافع بن عمر روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة فقال : (مالِكِ) :
[١ / ١٠٥] حدّثنا علي بن حرب عن العبّاس بن سليمان عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ النبيّ قرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(١).
[١ / ١٠٦] وفي سنن أبي داوود بإسناده إلى عبد الله بن أبي مليكة ، عن امّ سلمة أنّها ذكرت قراءة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ...) يقطع قراءته آية آية.
قال أبو داوود : سمعت أحمد يقول : القراءة القديمة (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٢).
وهذا تشكيك منه في صحّة نسبة قراءة «ملك» إلى رسول الله. كما قد تشكّك الترمذي في حديثه عن قراءة النبي برواية امّ سلمة :
[١ / ١٠٧] روى بإسناده إلى ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن امّ سلمة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقطع قراءته ، يقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، ثمّ يقف. (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، ثمّ يقف. وكان يقرأها : ملك يوم الدّين.
وقال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث غريب ، وبه يقول أبو عبيدة ويختاره. هكذا روى يحيى ابن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن امّ سلمة. قال : وليس إسناده بمتّصل ، لأنّ اللّيث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن امّ سلمة. وحديث اللّيث أصحّ ، وليس في حديث اللّيث : «وكان يقرأ ملك يوم الدّين» (٣).
وعليه فلم تثبت قراءة «ملك» بغير ألف عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذا سائر أصحابه وكبار التابعين. وقد وهم أبو حيّان الأندلسي في نسبة قراءة «ملك» إلى طلحة والزبير وزيد وأبي الدرداء وابن عمر والمسوّر وكثير من الصحابة والتابعين (٤). إذ لم يبيّن مستنده في هذا الإسناد! وقد عرفت خلافه برواية ابن أبي داوود السجستاني.
__________________
(١) المصاحف : ٩٤ ـ ٩٥.
(٢) أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١.
(٣) الترمذي ٤ : ٢٥٧ / ٣٠٩٥ ، كتاب القراءات عن رسول الله.
(٤) البحر المحيط ١ : ٢٠.