الشامل لجلّ مسائل الخلاف فضلا عن كلّها ، فكيف العرض؟!
وقد اضطربت
كلماتهم هنا ، حيث فرضوا المخالفة مع الكتاب إمّا بالتباين أو بالعموم من وجه أو
بالعموم المطلق. أمّا الأخير فلا مخالفة ذاتيّا بعد إمكان الجمع عرفيّا بالحمل على
التخصيص ، مثاله : قوله تعالى ـ بشأن المطلّقات ـ : (وَبُعُولَتُهُنَّ
أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) ، المخصّص بما ثبت في الشريعة من اختصاص ذلك بالرجعيّات
.
وهكذا المخالفة
بالعموم من وجه ، كما في قوله تعالى : (ما عَلَى
الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) ، مع حديث «لا ضرر ولا ضرار» فيما إذا حاول الطبيب معالجة مريض ، لكن فرط منه ما
أوجب تلفه أو نقصه ، من غير أن يكون عامدا ، فإنّ الآية تنفي ضمان خسارته ، لكونه
محسنا وبصدد معالجته. أمّا حديث «لا ضرر» فيقضي بضمانه ، وإن لم يرتكب إثما.
وفي ذلك ينبغي
اللجوء إلى ترجيح أحد الظاهرين على الآخر ، إمّا ترجيحا بمقتضى قوّة الدلالة أو
بمرجّحات اخر ، وهنا كان الترجيح مع الحديث ، لما ورد مستفيضا من ضمان الطبيب ولو
كان حاذقا .
أمّا المخالفة
بالتباين فلا مورد له ، بعد شعور الوضّاعين بعدم رواج أكاذيبهم ما لو كانت
المخالفة صريحا مع ظاهر الكتاب.
فأين موضع عرض
الأحاديث على كتاب الله ، ليعرف السقيم منها عن السليم ، بالخلاف أو الوفاق؟!
قلت : ليس
الأمر كما ظنّ ، إذ لا يعقل أن يكذب أحد على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أحد الصادقين عليهمالسلام كذبا صريحا ، بحيث يتخالف مع القرآن أو السنّة القويمة
، بشكل واضح ومبائن علنا ، إذ حيث ذاك تبدو سوأته على ملاء من الناس ويفضح من
أساس.
لكنّه ـ عن خبث
ـ يحاول تلبيس الأمر بحيث يمكن تعبيره على العامّة. أمّا الخاصّة فلا تشتبه عليهم
التلبيسات ولا يمكن التعبير عليهم ، ما داموا أذكياء نبهاء ، يعرفون مراسي الشريعة
ومبانيها القويمة ، ويقفون سدّا منيعا دون رسوب الأباطيل في الدين.
__________________