تركه من جبّار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله. فهو حبل
الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به
الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الردّ.
ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجنّ إذ سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً). وهو الذي من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به
أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم. خذها إليك يا أعور!»
قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن». وفي رواية
العيّاشيّ : «لا تزيغه الأهوية ولا تلبسه الألسنة» إشارة إلى صيانته من التحريف
والتصحيف. (لا يَأْتِيهِ
الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ). (إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).
قوله : «لا
يشبع منه العلماء» أي يزيدهم يوما فيوما علما بعد علم ، حيث تتوارد عجائبه ، ويأتي
كلّ وقت بجديد ، كلّما أمعن النظر فيه والتّدبّر في مطاويه.
[م / ٦] قال
الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «وما جالس هذا القرآن أحد إلّا قام بزيادة أو نقصان :
زيادة في هدى أو نقصان من عمى» .
قوله : «ولا
يخلق عن كثرة الرّدّ» ، وفي كلام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «ولا تخلقه كثرة الرّدّ» ؛ أي «لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه».
[م / ٧] وفي
حديث آخر : «لا يخلق على طول الردّ ، ولا تنقضي عبره ولا تفنى عجائبه» .
أي كلّما رجعوا
إليه وجدوا فيه جديدا ، فهو غضّ طريّ عبر تصرّم الأيّام.
[م / ٨] قال
الإمام الرضا عليهالسلام : «سأل رجل أبا عبد الله الصادق عليهالسلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة؟!
فقال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يجعله لزمان دون زمان ، ولناس
__________________