مناقب أحمد في رأي أقرانه ومعاصريه
كان أحمد بن حنبل كغيره من أصحاب المذاهب الاسلامية الأخرى ، قد حظي باهتمام وتبجيل المعاصرين له من تلاميذه والسائرين على نهجه المذهبي وغيرهم.
فهذا ابن المديني يقول : بأن الله أعزّ الاسلام برجلين ، أبي بكر يوم الردّة ، وابن حنبل يوم المحنة. أما بشر الحافي فاعتبر ان أحمد قام مقام الانبياء (١).
وهذا أستاذه الامام الشافعي يقول بأنه خرج من بغداد ، وما خلّف فيها أحداً أتقى ولا أورع ولا أفقه ، ولا أعلم من أحمد من حنبل. ومدحه أيضا أبو زرعة الذي قال بأن أحمد كان يحفظ ألف ألف حديث. بينما يعتقد اسحاق بن راهويه بان ابن حنبل حجّة بين الله وبين عبده في أرضه ، فيما قال ابراهيم الخرقى بأنه رأى أحمد بن حنبل كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين من كل صنف ، يقول ما يشاء ، ويمسك ما يشاء (٢).
ابن حنبل ومحنة خلق القرآن
اُمتحن أحمد بن حنبل ، فأُريد منه القول بخلق القرآن ، بالسجن والتعذيب ، زمن المأمون والمعتصم والواثق ، فما وهن لذلك ، ولا استسلم ، وأصرّ على ان القرآن كلام الله غير مخلوق ، بل هو قديم ، كما ان كلام الله قديم ... وبذلك ثبّت عقيدة أهل السُنّة والجماعة.
فالقول بخلق القرآن حسب فهم ابن حنبل يعني انه حادث غير قديم ، لأن كل
__________________
(١) العلل ـ الامام أحمد بن حنبل ١ : ٥٣ ؛ تأريخ بغداد ٥ : ١٨٤ ؛ المغني ـ عبد الله بن قدامة ١ : ٥ ؛ الجرح والتعديل ـ ابن أبي حاتم الرازي ١ : ٣١٠.
(٢) المذاهب الفقهية : ١٠٥ ـ ١٠٦.