ومثل هذا الدين الإلهي العظيم ، يجب أن تحتضنه عقول وصدور أمينة حتى لا يتعرّض لعبث العابثين ، وجهل الجاهلين ، وأهواء المبتدعين ، خاصة إذا عرفنا ان الإسلام آخر الرسالات السماوية.
٢ ـ كان للرُسُل السابقين ، أوصياء وأئمة ، حيث أودع هؤلاء الانبياء في أوصيائهم ، شرائعهم وتعاليمهم ليفسّروها ويشرحوها لأتباعهم ، فلماذا خُص الانبياء والرسل الذين كانت رسالاتهم مؤقتة ومحدودة بتلك الخصيصة وهي الوصية لأنبياء أو أئمة من أبنائهم وذويهم ، ويُحرم منها رسول الله محمد صلى الله علهي وآله صاحب الرسالة الخاتمة؟ فينقل الجمهور السُنّي ، حديثاً ملفقاً عن رسول الله حين سُئل وهو على فراش الموت ، بماذا توصي؟ فقال : «أوصيكم بكتاب الله»!! (١).
٣ ـ مسألة التوارث في قضية أئمة أهل البيت ، مسألة الهية ، مادام الله تعالى هو الذي خصّهم بالامامة من خلال الوحي إلى رسوله صلىاللهعليهوآله عبر جبرئيل عليهالسلام ، والقرآن الكريم قد أشار إلى العديد من الأنبياء الذين توارثوا النبوّة بأمر الله تعالى ، ولم يقل أحد ان هذا الأمر ، يمثّل دكتاتورية أو يتعارض مع حرية الاختيار أو مُخالف للحرية الانسانية ، مادام الله تعالى هو الذي اختارهم وعيّنهم ، حيث ورث النبي سليمان داود ، وكذلك النبي يوسف يعقوب ، واسماعيل إبراهيم .. ـ وهناك سلسلة من الأنبياء توارثوا النبوة ، أباً عن جد ، بتسديد وتخصيص من الله تعالى ، فما المانع من تعيين أئمة من آل البيت من قبله تعالى بالتوارث عبر وصايا وأوامر منه ـ عزّ وجل ـ لكونه يمتلكون استعدادات ومَلكَات يفتقدها غيرهم ، لكونهم مسدَّدين من قبله تعالى دون الناس.
__________________
(١) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٣ : ٣٣٦ ؛ تأريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ٤٤ : ٤٤٠ ؛ تهذيب الكمال ـ المري ٥ : ١٧٥.