ولا يخفى أن علياً بايع أبا بكر لتلافي قتله المحتوم ، وهو لمّا كان على الحق في كل تصرفاته وأعماله وأقواله ، لأنه مع الحق والحق معه ، يدور معه حيث دار ، فإن بيعته لأبي بكر كانت مُضطرَّة .. مُكرَهة ، وان الله بهذه البيعة (اللامشروعة) الواقعة تحت التهديد ، حفظه وأهل بيته من التصفية على يد التيار الحاكم. وليس عليّ فقط بايع مضطراً كونه كان مُهدّداً بالقتل ، وإنما أُرغم الكثير من كبار الصحابة والمهاجرين والأنصار ، على البيعة لأبي بكر كما يهد التأريخ بذلك.
على أن الشيعة يرون ان علياً بعد انصرافه عن الخلافة والحكم ، كان يصبو إلى عودة الأمّة إلى رشدها وصوابها قبل أن يستفحل الانحراف الذي بدأ قليلاً في عهد أبي بكر ثم اشتد في عهد عمر بن الخطاب ، إلا ان الخليفة الثاني منعه من خلال الشورى التي عيّنها ، من التصدّي للخلافة ، واتخذت الانحرافات منحى شديداً في عهد الخليفة عثمان بن عفان ، وبدأت الفتن تتوالى كقطع الليل المظلم ، مما دفع علياً بصرف النظر عن فكرة تصدّيه للخلافة ، لكون الانحرافات والفتن والتلاعب بالسُنّة النبوية كانت من العمق ، بحيث ليس من السهل إصلاح الاوضاع المتردية والموغلة في الانحراف والبعد عن سُنّة رسول الله ، ومع أن الأمّة ـ بعد مقتل الخليفة الثالث ـ أحسَّت بالخطأ ووخز الضمير والذنب الكبير الذي ارتكبته بإهمال الوصية النبوية في واقعة الغدير ، فضلاً عن الوصايا والأوامر الأخرى التي حذّر فيها الرسول صلىاللهعليهوآله أمّته من تجاوز اهل البيت وعميدهم عليّ ، كقادة وزعماء وحكّام عليها ، كان الكيل قد طفح ، وبلغ السيل الزبى ، ولذا شعر عليّ بفداحة الانحراف وعمقه ، بعد ٢٥ عاماً من الانحرافات والبدع الكثيرة التي أحدثها الخلفاء الثلاث الأوائل ، مما جعله لا يفكّر أبداً بالمطالبة بحقه في الخلافة أو اقتراح الأمّة عليه بقبول التصدي لهذا المنصب الخطير ، لولا إجماع المهاجرين والانصار ـ عدا