إقامتها بامامته صلىاللهعليهوآله ، طلب من الجميع أن يستمعوا ، وقال : اني أوشك أن أُدعى فأجيب ... واني تارك فيكم الثقلين ، كتاب الله وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم أخذ بيد عليّ فقال : ألستم تعلمون أني أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه (١).
كان خطاب الرسول هذا بعد أن سبقته تهيئة الأجواء وترتيب الموقف ، وتذكير الجماهير بأنه سيرحل قريباً إلى دار الآخرة.
ولما فرغ رسول الله من خطابه ، دعا الحاضرين لتهنئة عليّ بالولاية ، فاندفع الصحابة الكبار إلى تهنئته بحرارة ، منهم أبو بكر وعمر الذي قال لعلي : بخ بخ يا عليّ لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة؟ (٢)
وكانت قد نزلت آيتان مباركتان على رسول الله حول هذه الحادثة :
الأولى : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ. المائدة ٦٧.
والثانية : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا. المائدة ٣.
واللافت هنا ان هاتين الآيتين ، نزل بهما الوحي على الرسول صلىاللهعليهوآله في خصوص
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ : ٣٧١ ؛ مسند أحمد ١ : ١١٩ ؛ المعجم الكبير ـ الطبراني ٥ : ١٧١ ؛ انظر : السنن الكبرى ـ النسائي ٥ : ٤٥.
(٢) مناقب علي ـ ابن المغازلي : ٣٧ ؛ انظر : تأريخ مدينة دمشق ٤٢ : ٢٢١.