آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١).
ولكي يكون موضوع البحث ، شاملاً لسائر الجوانب والنواحي والخفايا ، ولا يَدعُ أمراً أو تساؤلاً أو مأخذاً إلا ويتناوله بحياد وموضوعية ، فإن كل أحد ـ باستثناء رسول الله ـ مُعرَّض للنقد والتحليل حتى تثبت نزاهته ومكانته وإخلاصه عبر موقفه من صاحب الدعوة الإسلامية ، وطاعته للأوامر الالهية والنبوية والتزامه بوصاياهما من خلال القرآن الكريم والروايات المعتبرة ، ثم سيرته في عهد الرسول أو بعد رحيله صلىاللهعليهوآله.
حين هبط الوحي على النبي محمد «ص» في غار حراء ، سارع وأبلغ زوجته السيدة خديجة بنت خويلد بالخبر ، فأسلمت فوراً هي وعلي بن أبي طالب ، ابن عمه الذي لم يكن يبلغ الحلم بعد ، والذي شرع بالصلاة مع النبي دون غيره من ذوي قرباه من بني هاشم. ولم يلبث أن آمن آخرون من قريش وبني هاشم ، وأصبحوا صحابة له صلىاللهعليهوآله
وأحسّ الرسول صلىاللهعليهوآله بما يمتلك من فراسة إلهية وذكاء خارق بأن علياً ليس كغيره من الصحابة ، فقد كان ملازماً له ، ولم يفارقه أبداً ، وكان يطيعه إطاعة تامة ، فضلاً عن استيعابه لما ينزل عليه من قرآن استيعاباً عميقاً وشاملاً ، إذ لم تفته شاردة ولا واردة من الآيات والتشريعات النازلة.
هذه العناية النبوية والاحتضان الخاص لعلي دون غيره من الصحابة المقرّبين ، أوحت لرسول الله وبأمر من الله تعالى عند نزول الآية الكريمة : وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢) أن يدعو أقاربه من بني هاشم إلى جلسة خاصة ، ولم يكن مستعداً منهم للتجاوب مع شروطه الصعبة سوى علي الذي كان أصغر القوم سنّاً ، فردّه الرسول
__________________
(١) البقرة ١٧٠.
(٢) البقرة ١٧٠.