فُرضت على عزّ الدين الإقامة الجبرية في داره وكان لا يستفتي أحداً من الناس ولا يجتمع بأحد منهم.
وكان المذهب الشافعي غالباً في كثير من أقاليم الشرق ، كسجستان ، ومرو ، وسرخس ، ونيسابور ، ويذكر ان بين سجستان وسرخس كانت تقع عصبيات بين الشافعية والحنبلية ، تُراق فيها الدماء ، ويتدخل بينهم السلطان (١).
وفي المغرب ، شاع مذهب مالك ، وان الناس كانوا يقولون : لا نعرف إلا كتاب الله وموطّأ مالك ، فإن ظهروا على حنفي أو شافعي نفوه ، وإن عثروا على شيعي أن معتزلي ربما قتلوه. وكان أصحاب مالك يبغضون الشافعي ، لأنه أخذ العلم عن مالك ، ثم خالفه أي الشافعي.
ـ وأتباع المذاهب السًنّية كانوا في نزاع شديد جداً الى حد الاقتتال في الشوارع. وكان الحنابلة متشددين جداً في مسألة العبادة وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم كانوا لا يكتفون بظاهر أمر الناس ، بل النفوذ الى حقيقة أمرهم ، ولم يكن الاحناف ، أقل تفى أو محافظة على مكارم الأخلاق من الحنابلة ، ولكنهم كانوا يرون ان الاسلام لا يجيز للمسلم أن يعترض في الأمور التي هي بينه وبين نفهس .. من أجل ذلك كان الحنابلة والحنفية ، يتنازعون علناً ويقتتلون (٢).
وكانت الري في أوائل القرن السابع الهجري ، تدمّرها العصبية المذهبية ، يبيد الحنفية والشافعية ، الشيعة أولاً ، ثم يثني الشافعية بالحنفية ، ويبيدوهم حتى يتركوا أحياءهم خراباً.
__________________
(١) انظر : طبقات الشافعية الكبرى ـ السبكي ٨ : ٢٣٨.
(٢) تأريخ الادب العربي ـ عمر فروخ ـ ٣ / ٣٨.