الحق بما بذلوا جهدهم
لتأييده والاعتقاد به والدعوة اليه ... فأين الاختلاف المبني على الاحترام
المتبادل والاسلوب المهذّب في التعاطي بين المدارس الفقهية كما يدّعي البعض؟.
ويقول صاحب كتاب (رسالة الطوفي) بالحرف
الواحد : فإن قيل : خلاف الأمّة في مسائل الأحكام ، رحمة وسعة ، فلا يحويه حصرهم
من جهة واحدة لئلا يضيق مجال الاتساع ، قلنا : هذا الكلام ليس منصوصاً عليه من جهة
الشرع حتى يُمتثل ، ولو كان ، لكان مصلحة الوفاق أرجح من مصلحة الخلاف فتقدّم.
ان الاختلاف في الواقع بدأ في عهد
الصحابة ، حيث يذكر كتاب جامع العلم وفضله لابن عبد البر ، أقوال الصحابة بعضهم في
بعض ، وكذلك أقوال أئمة التابعين بعضهم في بعض ، وهي أقوال يظهر انها تتضمن طعوناً
واتهامات وتسقيطات تمليها اختلافات عقائدية ودينية ومذهبية.
ويبدو ان التعصّب المذهبي ، ولّد ضيق
الصدر ، والزهد في الاطلاع على محاسن المذاهب الأخرى ، ودين الله في مجموعها لا في
واحد منها كما يقول أحد كبار علماء السُنّة.
وهذا القول اعتراف صارخ بأن الاختلاف
بين المذاهب الاسلامية الفقهية ، كان جارياً على طول التأريخ ، وليس التعصب
المذهبي إلا نتيجة من نتائج الاختلاف الفقهي بين المذاهب والمدارس الفقهية التي
كانت منتشرة في القرنين الثالث والرابع الهجريين.
أما الادعاء بأن دين الله في مجموع
المذاهب الاسلامية وليس في واحد منها ، فإنه يدلّ على ان كل مذهب على انفراد ، قاصر
في تبيان الأحكام والتشريعات الاسلامية ، ولا يجسّد الدين الاسلامي تماماً ، فكيف
والحال هذه يبرئ ذمة المقلّدين من المسلمين الذين يتبعون هذا المذهب أو ذاك؟