والإختلاف بين البشر أمر لا مفرّ منه ، وهو سُنّة كونية أوجدها الباري لحكمة بالغة (١).
وعند الجمهور على الدوام ، ان الخلاف الفقهي ، لم يكن من أصول الشرع ، ولا من أركان العقيدة الاسلامية ، التي يُكفَّر منكرها ، كما لم يكن من نصوص الشرع القطعية في ثبوتها ودلالتها (٢).
وهذا الاختلاف الفقهي في مجرّد الفروع والاجتهادات الفقهية ، لا في الأصول والعقائد ، ولذلك لم يُسجَّل في تأريخ الاسلام ، ان أدّى الى صدام مسلَّح هدّد وحدة المسلمين.
والإختلاف المعتبر السائغ ، مَعْلم من معالم كمال الشريعة وصلاحها لكل زمان وإنسان ومكان ، ودليل على الحيوية الفكرية (٣).
وهو اختلاف تنوّع لا إختلاف تضاد ، ولا اختلاف هوى يؤدي الى الفرقة والتباغض والتحزّب والمعاداة (٤). وهو اختلاف مُخلص ينمّي العلم ، أما الخصومة فتضيّعه.
وهو ظاهرة ايجابية كثيرة الفوائد ، ورياضة للأذهان وتلاقح للآراء (٥).
ولما كان الاختلاف في الفروع ، مشروعاً وطبيعياً جداً وهو من الدين ، فهو في نطاق المتغيرات ، ويشمل ما عدا الاصول والثوابت القطعية ، وفي غير أصول العقائد والعبادات
__________________
(١) أدب الاختلاف ١٠٥ ـ ١٠٦.
(٢) نشأة وتطور الفقه الاسلامي (٢) ـ د. محمود محمد علي ـ مجلة الجذور ـ العدد (١٧) ـ آذار ١٩٩٢ م.
(٣) الخلاف المُعتبر ـ علي بن عبد العزيز الشبل ـ الفاروق ـ السنة ٢٢ ـ العدد ٨٧.
(٤) فقه الثوابت والمتغيّرات ـ الدكتور علي محي الدين القرداغي ـ مجلة الشريعة الاردنية ـ العدد ٤٩٠.
(٥) آدب الاختلاف ٢٧.