الامام مالك والرأي
كان الامام مالك يفتي بالرأي بالرغم من انه كان ينتقده ويشكّك في مشروعيته في الاستنباط الفقهي ، فقد أحصى الليث بن سعد على مالك بن أنس ، سبعين مسألة كلها مُخالفة لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مما قال فيها برأيه ، ولقد كتب إليه يعظه في ذلك.
وكان أحمد بن حنبل يؤكد بأن حديث مالك صحيح ، لكن رأيه ضعيف ، كما قال سلمة بن سليمان لابن المبارك : وضعت من رأي أبي حنيفة ، ولم تضع من رأي مالك؟ فقال ابن مبارك : لم أره علماً.
ومالك بن أنس نفسه بكى في مرض موته ، قائلاً : والله لوددت أني ضُربت في كل مسألة أفتيت بها رأيي سوطاً سوطاً ، وليتني لم أُفت بالرأي (١).
واذا كان مالك هكذا يشكّك بفتاواه وأحكامه التي وضعها ، وان الآخرين من رفاقه كانوا ينتقدون ضعف رأيه ، فلِمَ يا تُرى أقدم تلامذته على اتخاذ فقهه وأحكامه مذهباً ليُقتدى به ، ويتّبعه الكثير من المسلمين ، خصوصاً في المغرب والاندلس والعديد من الاقطار الاسلامية؟
الطعون على مالك بن أنس
ما أكثر الذين طعنوا وقدحوا في مالك ، واعابوا عليه ، علمه وفتاواه وآراءه ، منهم :
ـ محمد بن إسحاق الذي طعن في نسب مالك وقدح فيه (٢).
ـ وقدح في مالك ، ابن أبي ذؤيب وابن أبي حازم وعبد العزيز الماجشون وغيرهم ، وتكلموا فيه بكلام فيه جفاء وخشونة.
ـ وعاب جماعة من أهل العلم ، على مالك باطلاق لسانه في قوم معروفين
__________________
(١) الاحكام ـ ابن حزم ٦ : ٧٩٠.
(٢) نيل الاطار ـ الشوكاني ٣ : ٣٤١ ؛ فتح الباري ـ ابن حجر ٢ : ٣١٥ ؛ عمدة القاري ـ العيين ٦ : ١٨٥.