المسلم ، حيث ثبت لنا في الوهلة الاولى ، أنّ علياً كان كغيره من الصحابة الكبار والخلفاء الراشدين الذين حازوا على قصب السبق في الفضائل والمزايا الخيّرة من خلال مدح الرسول لهم والثناء عليهم ، لكننا تيقنا إن علي بن أبي طالب ، تفوّق في الميدان العلمي والحربي ، حيث كان مُفرط الشجاعة والبسالة والثبات في الحروب والمعارك التي خاضها المسلمون ضد الكفار والمشركين كما يشهد له الجميع ، كما كان بارعاً في المعارف والعلوم والفقه والقضاء بحيث كان موجّها للآخرين الذين كانوا يستفتونه في الامور الفقهية والقضائية ، وكانت إجاباته حاسمة في هذا المجال.
غير ان هناك تساؤلات ظلت تراودنا ، وتبعث الحيرة والشك في أنفسنا ازاء هذا الصحابي المُقرَّب من رسول الله ، وتدعوننا للبحث في مزيد من صفحات التأريخ ، لاستجلاء الحقيقة ، وبامكاننا اختصارها فيما يلي :
١ ـ لِمّ لم يُسارع علي بن أبي طالب كغيره من المهاجرين والانصار لمبايعة الخليفة الاول ، بل تباطأ وتلكأ لمدة ستة اشهر ، ثم أعلن بيعته للخليفة أبي بكر؟
٢ ـ لِمَ نحّى علي معاوية بن أبي سفيان عن ولاية الشام؟ إذ لو أبقاه ولو مؤقتاً لما ثار عليه وشن حرباً ضده ، وكان ما كان من الفتن والمآسي التي جلبت الويلات على المسلمين؟ واذ كان الخليفة عليّ له ال حق في محاربة الأمويين ، فلِمَ قبل التحكيم مع معاوية بحيث أدى الى نشوء فتنة مدمّرة أخرى وهي فتنة الخوارج؟ أما كان لعلي أن يتلافى مثل هذه الفتن والبلايا والتداعيات التي تلتها؟ هذه وغيرها من التساؤلات بحاجة الى إجابة مقنعة.