التابعين ثم الى الأجيال التالية ، وذلك لأنهم أمناء وثقات مُؤتمنون لا يكذّبون على النبي أبداً ، وكيف يخونون الرسول صلىاللهعليهوآله وهم الذين ربّاهم تربية صالحة ، ووجّههم التوجيه السليم بحيث أصبحوا رجالاً أمناء على أقواله وأحاديثه لينقلوها ـ بكل أمانة ـ الى الأمّة؟
وللثقة بالصحابة عند الجمهور ، فإنه قد أتى على الناس زمان لم يسأل أحد عن إسناد الحديث أبداً ، لأن المعتاد انه اذا وضح للصحابي بأن الحديث كان صحيحاً مروياً عن النبي ، طوى الاسناد ولم يذكره ، أما لو لم يتضح له ، نسبه الى غيره ، ليحمّله ما حمّله وذلك لثقة الصحابي بنفسه وانه لا يكذّب على الرسول مطلقاً (١).
لماذا؟ لأنهم أمناء على الحديث ، وبالتالي لا يُتّهمون أبداً. فلم يكن الصحابة محتاجين الى الاسناد ، وذلك لأجل شيوع الصدق والأمانة بينهم ، إذ لم يكذّب بعضهم بعضاً (٢).
ولم يكن يدري الصحابة ما الكذب ، ولذا انتفى الاسناد (٣). ولم يكونوا يسألون عن الاسناد ، إذ لم يكونوا ما يروونه يسمعونه من فم الرسول ، لانهم مشغولون باعمالهم وإنما يسمعونه من بعضهم البعض ، فينسبوه الى النبي مباشرة دون إسناد (٤).
__________________
(١) المذاهب الفقهية ـ ص ٤٣.
(٢) لمحات من تأريخ السنّة وعلوم الحديث ـ ص ١٥١ ـ ١٥٢. ط : مكتب المطبوعات الاسلامية بحلب ـ الطبعة الرابعة مع الزيادات ١٤١٧.
(٣) مجل الفاروق ـ العدد ٧٩ ـ السنة ٢٠ ـ مكانة الاسناد في الاسلام ـ سجاد بن الحجابي.
(٤) مقدمة مسلم بمشرح النووي ١ / ٤٤ ـ مقدمة مسلم بشرح فتح الملهم للعلامة العثماني من طبعة مكتبة دار العلوم ـ كراتشي ١٤٢١ هـ ، بتخريج العلامة نور البشر.