القرآن الكريم بهذه الأولوية التي هي أهم من المؤمنين أنفسهم؟
سندرج في الأسطر التالية ، آراء كبار علماء الجمهور المسلم بما يعطي صورة جلية عن معنى «أوْلى» التي من المفروض أن يتقيد بها المؤمنون الصالحون والمخلصون ، فهي تندرج في مفهوم الطاعة التي ينبغي لهم أن يمتثلوا لها من خلال تنفيذ كل الاوامر والتعاليم النبوية حرفيا ، وإلا يصبح الانسان المسلم من العاصين مهما كانت مكانة هذا الانسان ، صحابياً كان أو غير صحابي ، لأن المسألة هي مسألة التمسّك والالتزام بالنص وتطبيقه ، وعدم تجاوزه بأي حال من الأحوال.
تُرى ماذا ي قول علماء التفسير الكبار من الجمهور المسلم عن معنى النبي أوْلى بالمؤمنين من أنفسهم؟ إليك أيها القارئ ، تفاسيرهم لهذه الآية المباركة : «الاولوية» في الأمور كلها ، فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا بما فيه صلاحهم ونجاحهم بخلاف النفس ، فلذلك أطلق الولاية ، فيجب عليهم أن يكون أحب اليهم من أنفسهم ، وأمره أنفذ عليهم من أمرها.
ويجب على المؤمنين أن يقدّموا حكم النبي محمد صلىاللهعليهوآله على حكمهم لأنفسهم ، لوجوب طاعته لأنها مقرونة بطاعة الله تعالى ، ولأن أنفس المؤمنين تدعوهم الى ما فيه هلاكهم ، والرسول يدعوهم الى ما فيه نجاتهم.
وكما ان أولوية النبي هي من بعض المؤمنين ببعض ، في نفوذ حكمه فيهم ، ووجوب طاعته عليهم وقضائه فيهم. وطبق هذه الاولوية للنبي على أنفس المؤمنين ، فينبغي على كل المؤمنين الذين عاصروا الرسول صلىاللهعليهوآله ، والذين جاءوا من بعده أن يطيعوه طاعة مطلقة ، ويتقيدوا بأوامره كلها ، مهما علت منزلة هؤلاء المؤمنين ، ومهما كانوا مقرّبين إليه ، وإلا أصبحوا عُصاة من الهالكين (١).
__________________
(١) فتاوى السبكي ٢ : ٢٣٢ ؛ نيل الاوطار ـ الشوكاني ٦ : ١٧٢.