قال الخليفة : وما الحجّة في ذلك؟
قال الإمام : قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «السجود على سبعة أعضاء ، الوجه واليدين والركبتين والرجلين» فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق ، لم يبق له يد يسجد عليها ، وقد قال الله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) ، يعني به هذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١) ، وما كان لله لم يقطع.
فأعجب المعتصم ذلك ، وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ (٢).
انظر إلى هذه الالتفاتة الرقيقة التي تنبّه لها الإمام ولم يلتفت إليها سائر الفقهاء ، ذلك أن اليد في آية القطع وقعت مجملة قد أبهم المراد منها ، فلا بدّ من تبيينها إما من السنّة أو الكتاب ذاته. وقد التفت الإمام عليهالسلام لوجه التبيين إلى السنّة مدعمة بنصّ الكتاب ، فبيّن أنّ راحة الكف هي إحدى المواضع السبعة التي يجب على المصلّي أن يسجد عليها ، وذلك بنص الحديث الوارد عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا كبيان الصغرى. ثم أردفه ببيان الكبرى المستفادة من الآية الكريمة الشاملة بعمومها لكل مسجد ، سواء الموضع الذي يسجد فيه ، أو العضو الذي يسجد عليه ، كل ذلك لله. وما كان لله لا تشمله عقوبة الحد ، لأن العقوبة إنما ترجع إلى ما للعبد المذنب ، ولا تعود على ما كان لله تعالى ، وهو استنباط ظريف جدّا.
وممّا يستغرب في المقام ما ذكره الجزيري تعليلا بوجوب القطع من مفصل
__________________
(١) الجنّ / ١٨.
(٢) تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٠ وراجع : الوسائل ، ج ١٨ باب ٤ حد القطع ، ص ٤٨٩ ـ ٤٩١. والآية من سورة المائدة / ٣٨.