من الثقات من شيعة علي ـ صلوات الله عليه ـ وغيرهم (١).
قلت : كان أخذه عن علي عليهالسلام بواسطة الثقات من أصحابه ، وليس مباشرة وبغير واسطة ؛ لأنه لم يدرك عليّا في المدينة بما يمكنه الأخذ عنه ؛ لحداثة سنّه حينذاك ، ولم يلق عليا بعد أن خرج الإمام إلى العراق ، كما سنوضّح.
والذي انتقصوا به الحسن أمران : أنه كان يدلّس ، وكان منحرفا عن علي عليهالسلام في بدء أمره وإن كان قد تندّم بعد ذلك. وشيء ثالث : أنه كان قدريّا ، ويقول : «من كذّب بالقدر فقد كفر». ولننظر في كل هذه التهم ومبلغ اعتبار كل واحدة منها :
أمّا التدليس ، فقال ابن حجر : وكان يرسل كثيرا ويدلّس. قال البزّار : كان يروي عن جماعة لم يسمع منهم ، فيتجوّز ويقول : حدّثنا وخطبنا ، يعني قومه الذين حدّثوا وخطبوا بالبصرة (٢).
وسئل أبو زرعة : هل سمع الحسن أحدا من البدريّين؟ قال : رآهم رؤية ، رأى عثمان وعليّا. قيل : هل سمع منهما حديثا؟ قال : لا ، رأى عليّا بالمدينة ، وخرج عليّ إلى الكوفة والبصرة ، ولم يلقه الحسن بعد ذلك. وقال عليّ بن المديني : لم ير عليّا إلّا أن كان بالمدينة وهو غلام ، ولم يسمع من جابر بن عبد الله ، ولا من أبي سعيد الخدري ، ولم يسمع من ابن عباس ، وما رآه قطّ ، كان الحسن بالمدينة أيام كان ابن عباس بالبصرة. وأما قوله : «خطبنا ابن عباس بالبصرة» ، فإنما أراد : خطب أهل البصرة. كقول ثابت : «قدم علينا فلان» أي قدم بلدنا وأهلنا. وقال ابن المديني : ولم يسمع من أبي موسى ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة : لم يره. قال ابن
__________________
(١) مقدمة كتاب سليم بن قيس ، ص ٦٥ ـ ٦٦.
(٢) التقريب لابن حجر ، ج ١ ، ص ١٦٥ رقم ٢٦٣.