السفري ، والنهاري من الليلي ، وفيم أنزل وفيمن أنزل ، ومتى أنزل وأين أنزل ، وأول ما نزل وآخر ما نزل ، وهلم جرّا (١) ، مما يدلّ على براعته ونبوغه في تفسير القرآن.
ثالثا ـ اعتماده المأثور من التفسير المرويّ
اعتمد ابن عباس في تفسيره على المأثور عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والطيّبين من آله والمنتجبين من أصحابه. وقد أسلفنا تتبّعه عن آثار الرسول وأحاديثه. كان يستطرق أبواب الصحابة العلماء ، ليأخذ منهم ما حفظوه من سنة النبيّ وسيرته الكريمة. وقد جدّ في ذلك واجتهد مبلغ سعيه وراء طلب العلم والفضيلة ، حتى بلغ أقصاها. وقد سئل : أنّى أدركت هذا العلم؟ فقال : بلسان سئول وقلب عقول (٢).
هو حينما يقول : «جلّ ما تعلّمت من التفسير من عليّ بن أبي طالب عليهالسلام» (٣) ، أو «ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب» (٤) ، إنما يعني اعتماده المأثور من التفسير ، إذا كان الأثر صحيحا صادرا من منبع وثيق.
وهكذا عند ما كان يأتي أبواب الصحابة بغية العثور على أقوال الرسول في مختلف شئون الدين ومنها المأثور عنه في التفسير ، إنّ ذلك كلّه لدليل على مبلغ اعتماده على المنقول صحيحا من التفسير.
__________________
(١) الإتقان ، ج ١ ، ص ٥١ ـ ٥٧ و ٦٠ ـ ٦٤ و ٦٨ ـ ٧٦ وغير ذلك ..
(٢) التصحيف والتحريف للصاحبي ، ص ٣.
(٣) سعد السعود لابن طاوس ، ص ٢٨٥.
(٤) التفسير والمفسرون للذهبي ، ج ١ ، ص ٨٩.