وروى أبو عمرو الزاهد (٢٦١ ـ ٣٤٥) بإسناده إلى علقمة ، قال : قال لنا عبد الله بن مسعود ذات يوم في حلقته : لو علمت أحدا هو أعلم منّي بكتاب الله عزوجل ، لضربت إليه آباط الإبل. قال علقمة : فقال رجل من الحلقة : ألقيت عليّا عليهالسلام؟ فقال : نعم ، قد لقيته ، وأخذت عنه ، واستفدت منه ، وقرأت عليه ، وكان خير الناس وأعلمهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولقد رأيته كان بحرا يسيل سيلا ... (١) قال ابن أبي الحديد ـ بصدد كونه عليهالسلام مرجع العلوم الإسلامية كلها ـ : ومن العلوم علم تفسير القرآن وعنه أخذ ، ومنه فرّع. وإذا راجعت إلى كتب التفسير علمت صحّة ذلك ؛ لأنّ أكثره عنه وعن عبد الله بن عباس. وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له وانقطاعه إليه ، وأنه تلميذه وخرّيجه. وقيل له : أين علمك من علم ابن عمّك؟ فقال : كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط. (٢)
وأخرج الحاكم بإسناده عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «عليّ مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» وقال : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها» (٣).
والآن فلنستمع إلى ما يصف عليهالسلام نفسه وموضعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «سلوني عن كتاب الله ، فإنه ليست آية إلّا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، في سهل أو جبل» ، «والله ما نزلت آية إلّا وقد علمت فيم أنزلت وأين نزلت. وأنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سئولا».
قيل له : «ما بالك أكثر أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حديثا؟ فقال : لأني كنت إذا سألته
__________________
(١) سعد السعود ، ص ٢٨٥. البحار ، ج ٨٩ ، ص ١٠٥.
(٢) شرح النهج ، ج ١ ، ص ١٩.
(٣) المستدرك للحاكم ، ج ٣ ، ص ١٢٦ و ١٢٤.