من أجل ذلك نرى الفقهاء (١) ـ ولا سيّما فقهاء الإماميّة ـ متّفقين على عدم إجزاء القراءة بغير العربية في الصلاة ، حتى على العاجز عن النطق بالعربية ، وإنما يعوّض بآيات اخرى ، أو دعاء وتهليل وتسبيح إن أمكن. أما الفارسية أو غيرها فلا تجوز إطلاقا ، اللهمّ إلّا بعنوان الذكر المطلق ، إذا جوّزناه بغير العربية ، وفيه إشكال أيضا.
قال المحقق الهمداني : يعتبر في كون المقروء قرآنا حقيقة ، كونه بعينه هي الماهيّة المنزلة من الله تعالى على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مادّة وصورة ، وقد أنزله الله بلسان عربيّ ، فالإخلال بصورته التي هي عبارة عن الهيئات المعتبرة في العربية بحسب وضع الواضع كالإخلال بمادّته ، مانع عن صدق كونه هي تلك الماهيّة (٢).
وقال : ولا يجزئ المصلّي عن الفاتحة ترجمتها ، ولو بالعربية فضلا عن الفارسيّة ، اختيارا بلا شبهة ، فإنّ ترجمتها ليست عين فاتحة الكتاب المأمور بقراءتها ، كي تكون مجزئة (٣).
قال ـ بشأن العاجز عن العربية ـ : الأقوى عدم الاعتبار بالترجمة ـ في حالة العجز عن الفاتحة وبدلها (من قرآن غيرها أو تحميد وتسبيح) ـ من حيث هي أصلا ، ضرورة عدم كونها قرآنا ولا ميسوره ، بعد وضوح أن لألفاظ القرآن دخلا في قوام قرآنيّتها. نعم بناء على الاجتزاء بمطلق الذكر لدى العجز عن قراءة شيء من القرآن مطلقا ، أو لدى العجز عن التسبيح والتحميد والتهليل أيضا ، اتّجه الاجتزاء بترجمة الفاتحة ونظائرها ، لا من حيث كونها ترجمة للقرآن ، بل من
__________________
(١) من عدا أبي حنيفة ومن رأى رأيه ، حسبما يأتي.
(٢) راجع : مصباح الفقيه ، كتاب الصلاة ، ص ٢٧٣.
(٣) المصدر نفسه ، ص ٢٧٧.