بحث عرفاني
التذلل لدى المعبود الحقيقي الجامع لجميع الكمالات غير المتناهية والاعتراف بالقصور والتقصير عنده محبوبان لديه عزوجل. والعبودية التي هي غاية مقامات العارفين واولياء الله المخلصين متقومة بهما فانه لا ريب في تحقق الارتباط بين الممكن والواجب كالارتباط بين المعلول مع العلة التامة والمخلوق مع الخالق ، والأثر مع المؤثر بلا فرق في ذلك بين المجردات والماديات والاملاك والأفلاك فان جميعها متعلقة بالإرادة الازلية حدوثا وبقاءا وبزوالها ينعدم جميع ما سوى الله تعالى ، ولا يبقى إلا وجهه الواحد القهار ولكن الإنسان يرتبط مع الله جل جلاله بارتباطين :
الاول : الارتباط العام القهري الذي يعم جميع الخلق وما سواه تعالى.
الثاني : الارتباط الاختياري اي الطاعة والامتثال والانقياد وهذا هو الأصل والأساس في علاقة الإنسان مع الله عزوجل فإذا زال يبقى الارتباط الاول وهو يعم الجميع ـ الحيوان والجماد ـ على حد سواء.
والانسانية انما تظهر في الارتباط الثاني ولا يزول إلا بالطغيان والعصيان ، وحينئذ لا بد من التوبة والرجوع إلى الله تعالى ليعود الارتباط إلى ما كان عليه وتستكمل به الانسانية ، وتزول الشقاوة وتحل محلها السعادة الابدية إذ القرب من ينبوع الحكمة والعلم والكمال المطلق يوجب بلوغ الانسانية إلى الكمال ويتم به العقل والدين ، كما ان البعد عنه يوجب زوال ذلك كله ، فللتوبة الحقيقية دخل في