وذكر جل شأنه انه لا يضيع عملهم فهو محفوظ لديه وسيكفّر الله تعالى عنهم سيئاتهم ويدخلهم الجنات العظيمة وذلك جزاء ما لاقوه في سبيله عزوجل من الأذى وذلك الجزاء العظيم ينتظرهم يوم الحساب.
التفسير
قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
دعوة إلى التفكر في خلق الله تعالى بعد بيان ان جميع خلقه ملك له عزوجل وهو على كل شي قدير ، فان انضمام هذه الآية الشريفة الى الآيات السابقة يثبت الوحدانية الكبرى والربوبية العظمى ولذا ترك العطف بينهما ، فان في خلق السموات والأرض الآيات الدالة على قدرته عزوجل واعتنائه تعالى بخلقهما على ما فيهما من العجائب والبدائع التي ترشد اصناف العباد إلى المبدأ والمعاد وتجذبهم إلى الحي القيوم.
والآية الشريفة باسلوبها الجذاب ومضمونها الخلاب تدعو الناس إلى النظر والتفكر في الآيات الكونية وتفتح لهم أبواب الفلسفة العلمية والعملية ، فان آثار رحمته عزوجل فيها واضحة ، ودلالات إحاطته تعالى وقيموميته العظمى الكاملة مشهودة.
والمراد بخلق السموات والأرض الآيات الكونية المحسوسة التي ظهرت في جميع موجودات السموات والأرض من الجواهر والاعراض والعرضيات والروحانيين والاملاك والكواكب والأفلاك ، وما في الأرض من الآيات الكثيرة في الإنسان والحيوان والنبات وما في البر والبحر والجو ، فان فيها الآيات التي تبهر منها العقول وقد بذل الإنسان غاية الجهد