والآية المباركة ترشد إلى أهم ما يجب على الزعيم الروحي ان يتحلى به وهو نبذ كل ما يوجب نفرة الناس منه قولا أو فعلا فانه مهما كثرت فضائله وعمت نوائله وفواضله لكنهم يتفرقون عنه ويتركونه وشأنه إذا رأوا منه ما يوجب تنفيرهم عنه فلا ينتظم أمره ولا يستقيم شأنه وتفوته الغاية التي بعث الأنبياء لأجلها وهي الهداية والإرشاد والدعوة إلى الطاعة والعبودية.
وهكذا يقرر الإسلام صفات القائد الإلهي كالرسول العظيم الذي هو متصف بمكارم الأخلاق وبالمؤمنين رؤوف رحيم مهتم بإرشادهم وحريص على هدايتهم.
قوله تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
بيان لسيرته (صلىاللهعليهوآله) مع المؤمنين وتقريره تعالى لها وقد امره عزوجل بعدم الترتيب على أفعالهم اثر المعصية إذا خالفوه في امر الجهاد والقتال وما يرجع إلى نفسه المقدسة ويطلب لهم من الله تعالى المغفرة في ذلك.
قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).
المشاورة المناظرة والمراجعة في أخذ الرأي واستخلاصه من الغير قيل انه مأخوذ من شرت العسل إذا اجتباه واستخرجه من موضعه والاسم الشورى والمشورة بسكون الشين وفتح الواو.
والمراد بالأمر هو ما يهتم بشأنه كالحرب وما يتعلّق بها ، كما هو المنساق من الآيات الشريفة ولا تشمل الآية المباركة امور الدين وما يتعلق به أو ما انزل فيه الوحي من امور الدنيا.
يعني : وشاورهم في ما يعرض عليك من الأمور في ما يهتم بشأنه