وصفهم تعالى بأوصاف متعددة وهي :
الاول : انهم اهل الذكر في جميع الحالات لا يفترون عن ذكر الله تعالى ولا يغفلون عنه في حال. والمراد من (عَلى جُنُوبِهِمْ) اي مضطجعين ونظيره قوله تعالى : (دَعانا لِجَنْبِهِ) يونس ـ ١٢ أي دعانا مضطجعا على جنبه.
وهذا الذكر أعم من الذكر اللفظي والذكر العملي وهو الصلاة ، وقد ورد في بعض الروايات ما يدل على التعميم ، فهم يذكرون الله جلت عظمته مع حضور القلب ، فان الذكر ما كان عن خضوع وخشوع وإنابة والا لا يسمى ذكرا.
وانما خص تعالى هذه الحالات الثلاثة القيام ، والقعود ، وعلى جنوبهم لان الإنسان لا يخلو عن احداها ، فيكون المراد ان معظم حركاتهم وسكناتهم في ذكر الله تعالى وبذكر الله عزوجل وهذا يسير على اولي الألباب لأنهم لا يرون للدنيا قيمة أصلا حتى يجعلوا شيئا للدنيا ، فهم في حال كونهم في الدنيا جعلوا الآخرة نصب أعينهم ، وهذه هي الفلسفة العملية التي اتعب الفلاسفة وعلماء الأخلاق والسير والسلوك أنفسهم فيها وجعلوا لها قواعد واصولا وافردوا لها كتبا مستقلة والله تبارك وتعالى جمعها في جملة واحدة.
قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
وصف ثان لأولي الألباب. اي : انهم ينظرون في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار فيذكرون الله تعالى بل يذكرونه في جميع أحوالهم لا يفترون عن ذكره وقد ملأ الايمان قلوبهم وتفكروا في خلق السموات والأرض مهتدين إلى وحدانيته وحكمته التامة وقدرته