عليها جميع الأديان السماوية وأثبتت بالأدلة القطعية فيكون للإنسان اصل واحد وهو الحقيقة الانسانية يتحد فيها جميع الإفراد وكل السلالات والأقوام والمجتمعات بلا تفاوت بينها فهم كأعضاء نفس واحدة متفقون في الفطرة ، ومشتركون في القيم والسير التكاملي ، وبذلك ينفي نظرية التطور التي نادى بها بعض الفلاسفة الطبيعيون ، فالإنسان نسيج وحده وهو اصل منفرد قد خلقه الله تعالى ابتداء ومباشرة بنفسه الأقدس وبيّن عزوجل كيفية خلقه في عدة مواضع من القرآن الكريم قال تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) السجدة ـ ٨ وقال تعالى : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) ص ـ ٧١ ويأتي في البحث العلمي تفصيل ذلك.
والآية الشريفة قد جعل فيها الأمر التكويني محور التشريعات السماوية وان جميع الاحكام الإلهية تدور على هذا الأصل وهو الاتفاق في اصل الحقيقة وان البشر لهم وحدة نوعية منبثقة من نفس واحدة يستوي فيها الرجل والمرأة الصغير والكبير والضعيف والقوي وغيرها ولأجل ذلك كان الخطاب موجها لجميع الناس دون المؤمنين خاصة.
الثالث : الآية المباركة تتضمن العلة التي أوجبت الأمر بالتقوى وإنزال الاحكام الإلهية وهي تهذيب الناس وتكميلهم اي ان الذي خلق الإنسان ورباه وأنعم عليه بأنواع النعم الظاهرية والباطنية ، وتكفل امره بالتربية والتكميل لجدير بأن يتقى ويطاع ولا يخالف له امر.
ومن ذلك يظهر السر في تعليق التقوى بربهم دون غيره من أسمائه المقدسة فان هذا الوصف يعم جميع الناس من غير اختصاص بطائفة خاصة.
ثم ان المراد بالنفس هي تلك الحقيقة التي يمتاز بها الإنسان عن غيره وما به يكون الإنسان إنسانا وهو الذي تعلق به الخلق كما ان