وما عن بعض المفسرين من أن الخطابات القرآنية موجهة إلى الإفراد فيكون ذلك حقا لهم. مردود لان تعلق الخطاب بالجماعة انما هو لأجل ان القوانين المجعولة خطابات موجهة إلى الجماعة في مرحلة الجعل والتشريع ، فما ذكره مغالطة بين إنشاء القانون وبين من يتصدى لجعل نفس القانون ولا ربط لأحدهما بالآخر. نعم في القوانين الجعلية القابلة للحل والنقض والإبرام يمكن ان يتجه ما ذكره كما نشاهد ذلك في القوانين الوضعية حيث تجتمع أفراد المجتمع على انتخاب أفراد معينين أو تجتمع الرعية على نصب فرد رئيسا لهم وفي كلتا الصورتين يحق لكل واحد منهما جعل القوانين ، ولكن ذلك خارج عن بحثنا فان كلامنا في القوانين الإلهية والمرابطة فيها.
إن قلت : ان اجتماع الامة على جعل الرئيس وإعطاء الصلاحية له في جعل القوانين يكون بشروط خاصة ، فإذا تخلّف أحدها ينعزل بنفسه بلا احتياج إلى عزل ، كما هو المشهور بين الفقهاء من انه إذا اختلت عدالة الحاكم الشرعي ينعزل بنفسه.
قلت : اطلاق قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب ـ ٣٦ وكذا قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) القصص ـ ٦٨ ينفي ذلك وهو يدل على ان نصب الحاكم انما يكون منحصرا في النصب الالهي ، ويدل على ذلك ما ذكره الفقهاء في الحاكم الشرعي المنصوب من قبل الشرع مثل قولهم (عليهمالسلام) : «فاني جعلته حاكما» فلو فقد بعض الشروط منه يزول