محتملا ؛ لأن يكونوا أرادوا السّلام حقيقة أو معنى آخر يقاربه ، وعلى تقدير أن يريدوه فهو سلام لمجرد [...] فأزال المصدر الاحتمال الأول وبقى الثاني ، [٧٠ / ٣٤٣] قلت : التأكيد بالمصدر يزيل الشك عن الحديث فقط ، والأمر أن يصيره كلام إبراهيم ويقوم مقام الثبوت فيه ، فلما كان أبلغ فلا جواب عنه إلا ما قلنا ، وتقدم في سورة هود تمام الكلام في هذا الفخر في سورة براءة ، عند قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) [سورة التوبة : ١٠٣] في قول الرجل لغيره : سلام عليك لطائف ، قال : ذكرتها وإن كان لا يناسب ذكرنا هذا الموضع خشية أن تضيع.
قال : قوله : (سَلامٌ) نكرة فيها معنى التعظيم الابتداء به لأن في الكلام حذف صفتها ، أي سلام تام كامل والخبر عليكم ، أو هو صفة لسلام والخبر مقدر أي كأين ، وقد يترجح حذف الخبر لقصد التهويل والتعظيم ، وجوابه وعليكم السّلام على عكس الترتيب الأول ، وسببه قول سيبويه : إنهم يقدمون الاسم وأيضا فلدلالة على الحصر فيكون الجواب أبلغ ، لقوله تعالى : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) [سورة النساء : ٨٦] ، وأما محمول الرجل لغيره السّلام عليك تعرفي ، فالسلام لفظ مفرد يحلى بالألف واللام لا يفيد إلا أصل الماهية ولا إشارة له بالأحوال العارضة لها ، فإذا كان التنكير أبلغ ، وكذلك حيث ما جاء لفظ السّلام من الله تعالى ورد منكرا ، وإنما ورد معرفا من قول موسى صلّى الله على نبينا محمد وعليه وسلم : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) [سورة مريم : ٣٣] ، وكذا اختار الشافعي في التشهد تنكير السّلام ، قال : وسبب مشروعية السّلام بين المتلاقيين ليحصل به لكل واحد منهما اعتقاد سلامته من الآخر لأن الأصل في طبع الجيران الشر على الصحيح ، ودفع الشر أهم وأكد من جلب الخير ، قلت : ومنه قول المتنبي :
والظلم من شيم النفوس فإن تجد |
|
ذا عفة فلعلّة لا يظلم |
قال : وقوله : عليكم تقتضي مخاطبة جماعة ، وذلك أن الإنسان لا يخلو عن الحفظة من الملائكة وأرواح مجانسة له.
قوله تعالى : (فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).
يدل على أن هذا العجل كان مشويا [...] منه أهله ، وأنه كان من عادته تهيئة الطعام برسم من يرد عليه أو أتاهم بما كان معدا لأهله.
قوله تعالى : (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً).