سورة ن والقلم
[.....] النون والقلم إن فسرناه بالمعهودين ، ليس منحصرا صدوره من القلم ، بل بإيجاد الله تعالى أو بواسطة أداة غير القلم لم يقدم القلم على النون.
قوله تعالى : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ).
انظر الزمخشري : ما اعترضه به أبو حيان وما أجاب به المختصر السفاقسي ، وحاصله أن أبا حيان منع تسلط النفي على الشيء دون ما قيد به ، والسفاقسي أجازه ، والصواب أن يقال : إما أن يقدر ذلك القيد داخلا قبل النفي وبعده ، فإن كان قبله لزم من نفي ما هو قيد فيه نفيه هو ، وإن كان بعده فالقيد مثبت والجنون ينفي أي ما أنت بسبب وجود نعمة ربك مجنون فيكون قيدا في النفي لا في الجنون المنفي.
قوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
الإتيان بلفظ على إشارة إلى حصول ذلك له دون تكف ، وهذا إشارة إلى شدة جهلهم وغباوتهم لأن الحق العظيم في غاية الجلاء والوضوح فمن يكذب به في غاية الجهل والغباوة ، قال عياض في الشفاء الخلق العظيم قيل : هو القرآن ، وقيل : الإسلام ، وقيل : الطبع الكريم ، وقيل : ليس لك همة إلا الله ، قال الواسطي : أثنى عليه بحسن قبوله لما ابتدأه إليه من نعمه وفضله وبذلك على غيره ، لأنه جعله على تلك الخلق ثم أثنى على فاعله وجازاه عليه ثم تلاه على قولهم بما وعده من عقباه [٧٩ / ٣٩٥] وعقابهم بقوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ) ، ثم عطف بذم عدوه فقال تعالى (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ) ، إلى قوله تعالى : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ، فذكر بضع عشرة خصلة من الذم خرجتهم بتمام شقائه فقال تعالى (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) ، فكانت نصرة الله أتم من نصرته لنفسه.
قوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ).
عبر بالمستقبل مع أنه صلىاللهعليهوسلم عالم بذلك في الحال ، لأن الخطاب بذلك عام في جميع الناس ، وكل واحد لا يدري بماذا يختم له من ضلال أو هداية.
قوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَ).
عبر بالماضي لما كان الضلال راسخا فيهم ذاتيا لهم ، وكذلك أبقى الجملة مؤكدة بأن والباء.
قوله تعالى : (بِالْمُهْتَدِينَ).