سورة المعارج
قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ).
لم يذكر ابن عطية القراءة بتحقيق الهمزة ، وهي قراءة نافع وابن عامر ، (سَأَلَ) ، ساكنة الألف ، قال بعضهم : هي سأل بالهمزة إلا أنها سهلة ، وهي لغة مشهورة حكاها سيبويه ، فالألف منقلبة عن واو ، وأما قول الشاعر :
سألت هذيل رسول الله فاحشة |
|
ضلت هذيل بما سألت ولم تصب |
فقال سيبويه : هو على تسهيل الهمزة ، وقال غيره : وعلى لغة من قال : سألت ، ونقل ابن هشام في شرح الإيضاح في باب زيادة الهمزة عن سيبويه عكس هذا سواء وجعله مثل أولج يولج ، فإنه من ولج ، وقرئ (سَأَلَ سائِلٌ) بغير همز وحملوه على وجهين : إما أنه من السؤال أو من السيلان ، وعلى هذا يكون من مجاز المجاوزة ، واستدل بعضهم بالآية على صحة تنكير الفاعل.
قوله تعالى : (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ).
وفي سورة السجدة (أَلْفَ سَنَةٍ) [سورة السجدة : ٥] ، وفي الحج (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ) [سورة الحج : ٤٧] ، والجواب : أنها مواطن فهو لا قوام في غاية الشدة والآخرين دون ذلك ، وأجاب القرطبي : أن العروج هنا من قعر الأرض السابقة وسطح الأرض ، فيلزم على هذا أن يكون بين سطح الأرض والعرش مسيرة ألف سنة ، وبين قعر الأرض السابعة وسطحها تسعة وأربعون ألف سنة ، وهذا باطل بالبديهية ، ولا يفرق باعتبار المنتهي ، لأن منتهي المسافة غير معين في الجميع ، فلا تناقش وكون العروج من قعر الأرض السابعة ، كما قال مجاهد : يعهد لأنها غير معمودة ، وهم إنما يعرجون بأعمال العباد أو بأزواجهم ، ابن عطية : قيل : المراد في يوم من أيامكم هذه ، ومقدار المسافة أن لو عرفها إذ هي خمسون ألف سنة من أيامكم ، وقيل : المراد في يوم من أيامكم كان مقداره في نفسه ألف سنة من أيامكم انتهى ، التأويل ظاهر وأما الثاني فيستحيل فيه حمل اليوم على خمسين ألف سنة حقيقته ، ولا بد أن يراد به مطلق الزمان لاستحالة مساواة الجزء للكل في القدر ، ابن عطية : وقال عكرمة : أراد هذه الدنيا مقدارها خمسون ألف سنة ، لا يدري أحد ما مضى منها ولا ما بقي انتهى ، كذا ذكر المسعودي والمؤرخون ، وذكر المنجمون وغيرهم ، أن مقدارها سبعة آلاف خمسون ألف سنة ، وهو ظاهر قوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين : " ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل ماله له عقارب من