ذكر هنا الخوف منه ، وقال في موسى : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً) [سورة طه : ٦٧] فلم يذكر صفة الخوف فيه ؛ لأن قائلا لا تخف هنا الملائكة ، وهناك الله تعالى فناسب عدم ذكر المخوف منه وعدم الامتثال به.
قوله تعالى : (بِغُلامٍ عَلِيمٍ).
دليل على شرف العلم ، ونقل ابن العربي في سراج المريدين ، عن ابن فورك : أنه رأى الملائكة ، ونقل أبو نعيم في الحلية ، عن سفيان الثوري ، أن الملك خاطبه في حكاية الحية ، قال كاتبه ، وخبر ابن عم والدي وهو الشيخ الصالح العابد الزاهد أبو فارس عبد العزيز البسيلي : أنه حين يقوم إلى صلاته بالليل يرى أن الملائكة تدخل عليه بيته وتسلم عليه في صفة طيور ذوي أجنحة.
قلت : ولما توفي رحمهالله صبيحة يوم الخميس الثامن والعشرين من شعبان عام أربعة وثمانين وسبع مائة رأيت كأني بين السماء والأرض وإذا برقعة هابطة من السماء ، فيها مكتوب بخط بين : عبد العزيز البسيلي من أهل الجنة ودفن رحمهالله بمقبرة خالد أبو إسحاق إبراهيم البسيلي.
قال لي شيخنا أبو مهدي عيسى الغبريني : لم أر أحدا في زماننا على طريق السلف الصالح غيره.
قوله تعالى : (فَما خَطْبُكُمْ).
قدم المقول للمخاطب على ندائه لأنه المقصود بالذات ، ولما فهم من القرائن أنهم نزلوا للعذاب عبر بالخطب ، وقال : (أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ) فعبر بالوصف الأعم فيهم وفي بني آدم ، ولم يقل : أيها الملائكة فعبر بالوصف الأخص لأن وصف الرسالة عند الله تعالى فيه تشريف وتعظيم ، ولآن فيه إيماء إلى المرسل إليهم.
قوله تعالى : (إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ).
تنكير (قَوْمٍ) إما تعظيما لوصف الإجرام أو ليفيد عموم تعلق العذاب بكل من اتصف بصفاتهم ، لأن تعليق الحكم على الوصف المناسب في النكرة يفيد قوة الشعور بما به ذلك الوصف للحكم أكثر من إفادته له في المعرفة.
قوله تعالى : (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً).