سورة القارعة ما القارعة
أورد ابن عرفة أن المبتدأ لا بد أن يكون معلوما ، والخبر مجهولا ، فإن القارعة خبرا في الجملة الثانية بطل كونه مبتدأ في الأولى ، وأجيب بوجهين : إما أنه فيهما مبتدأ وغيره في الثانية ما فهو معلوم ، وإما بأن ما تعملونه من حيث كونها قارعة بمعنى أنها تقرع الأسماع ومجهولة من حيث ما يشاء من قروعها من الخير والشكر وتفريق أجزاء الجمال ، وغير ذلك ، قلت : وضعف بعض الأول بأن سيبويه نص أن الاستفهام هو المبتدأ ، مثل : من زيد الآتي؟ ، مثل : كيف زيد؟ ؛ لأجل أن كيف ظرف ، قال : ولا يصح تضعيفه بأن يقال : أنه وخبره خبر عن الأول ، وانظر لما تقدم في الواقعة.
قال أبو حيان : وقرأ عيسى بنصبهما على إضمار اذكروا القارعة ، فما زائدة للتوكيد ، والقارعة توكيد لفظي للأول ، ابن عرفة : الصواب أن ما نافية فيه ، والفاعل فيه فعل ، أي ما يعلم القارعة والأصل عدم الزيادة.
قوله تعالى : (يَكُونُ النَّاسُ).
ابن عطية : ظرف العامل فيه القارعة ، واعترضه أبو حيان بأنه إن أراد لفظ القارعة الأول وهو في صفة الألف واللام فيلزم الفصل بين الصلة والموصول بآخر بأجنبي وأيضا فقد قيل : القارعة علم وعلى هذا فلا يعلم في الظرف وإن أراد الثاني فلا يعطيه المعنى ، وأجاب ابن عرفة : عن كون القارعة علما ، فلا يعلم أن الجوامد قد تعمل في الظروف نحو : أنا ابن مارية أنا [.....] ، وقال الزمخشري : بمعني دلت عليه القارعة أي يقرع يوم ، وقيل : العامل مقدر أي اذكر يوم ويكون العامل مقدر أي اذكر ، قال ابن عرفة : فعلى هذا يكون عاملا فيه عمل الفعل في المفعول به ، وعلى الأولين يعمل فيه عمل الفعل في الظرف ، قلت : لأن الذكر لا يكون في ذلك اليوم ، وإنما يذكر اليوم نفسه.
ونقل عن المفسر المشرقي أن ما في القارعة صفة للقارعة ، (وَما أَدْراكَ) اعتراض ، (يَوْمَ يَكُونُ) خبر القارعة الأولى ، ورده ابن عرفة : بأن جملة الاستفهام غير خبرية فلا يصح كونها صفة إلا على إضمار القول مثل : جاءوا بحذف هل رأيت الذئب قط؟ ، قال ابن عرفة : ويحتمل أن تكون الجملتان معا اعتراضا كما قالوا في قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [سورة الواقعة : ٧٥ ـ ٧٦ ـ ٧٧] إلا ابن مالك فيما أظن ذكر أنه بجملتين دليل.
قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ).