سورة المزمل
قال الزمخشري : مكية ، ثم قال : وعن عائشة أنها سئلت ما كان تزميله ، فقالت : كان مرطا طوله أربع عشرة ذراعا نصفه عليّ ونصفه عليه وهو يصلي ، انتهى ، وهذا مناقض لقوله لو لا أنها مكية ؛ لأن بناءه صلّى الله عليه وعلى آله وسلم بعائشة كان بالمدينة.
قوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ).
الآية تقتضي أن الجزاء المأمور به من الليل شائع فيه وتلك رجح آخره لما في الحديث ، أبو حيان : المراد قم الليل كله ؛ وهو ظرف عند البصريين ومفعول به عند الكوفيين لاستغراق الفعل له ، انتهى.
ونقل ابن مالك عن سيبويه : لقيت زيدا الليلة ، أن اللقاء في جميع الليل.
قوله (نِصْفَهُ) قيل : بدل من قليل ، والضمير في (انْقُصْ مِنْهُ) إما للنصف المقدم أو المتروك ، والمعنى فيهما واحد ، وقال الزمخشري : أنه من الليل ، (إِلَّا قَلِيلاً) استثناء منه ، قال : ولنا أن نجعل نصفه بدلا من النصف ، أي قم أقل من نصف الليل ، والضمير في منه وطلبه للنصف فهو مخير بين أن يقوم نصف الليل على البيت وبين أن يختار النقصان من النصف أو الزيادة عليه ، وألزمه أبو حيان التكرار ؛ لأن قوله : انقص من نصف الليل قليلا هو معنى قوله : قم نصف الليل إلا قليلا ، قال المختصر : هذا لازم على أن نصفه بدل بعض من كل ، و (إِلَّا قَلِيلاً) استثناء منه ، قال : ولنا أن نجعل نصفه بدلا من الليل استثناء منه القليل بدل إضراب ، انتهى ، أراد أن النصف بدل من الليل باعتبار استثناء القليل منه ؛ لأنه بدل منه قبل الاستثناء فكأنه بعد الاستثناء ، تقول مثلا : قم خمسة أسداس الليل نصف ذلك أو انقص منه أو زد عليه ، أي قم سدسين ونصف سدس ، أو أقل أو أكثر ، ويلزمه التكرار لقوله : (أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ؛) لأنه عين من الأول ؛ لأن الزيادة عليه من قيام الليل إلا قليلا ، وهو الذي فرض خمسة أسداس الليل وانظر ابن الصائغ.
قوله (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ) إن قلت : ما معنى التأكيد بإن هنا ، قلت : لأن المزمل مظنة الغفلة عن الشيء ، فكأنه قيل : هذا قول يقبل يحتاج إلى تيقظ واشتغال بعد السين للتحقيق ، وهذا من القول بنفسه [٨٢ / ٤٠٦] وبغيره ، كما قال ابن التلمساني : لأن هذه الآية من جملة ذلك القول ، وعبر بالقول تنبيها بالأدنى على الأعلى ؛ لأنه إذا كان القول نقيلا [.....].