سورة ألهاكم التكاثر
قوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ).
ابن عرفة : الشغل : هو الإقبال على الأمر الدنيوي بالبدن والقلب بحيث يذهل عن الأثر المصلح جملة ، قال : (شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) [سورة الفتح : ١١] فلا يحسن اعتذارهم بذلك إلا إذا فهم أن قلوبهم لم تزل عامرة بالجهاد راغبة فيه ، ابن عرفة : وهذا خبر في معنى النفي وهو قليل في الخبر المثبت ، والأكثر في الخبر المثبت كونه يعني الأمر ، مثل (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ) [سورة البقرة : ٢٣٣] ، وفي الخبر النفي كونه بمعنى النهي (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [سورة الحديد : ٧٩] ابن عرفة : وعادتهم يقولون : هل هذا من باب لأرينك؟ ههنا ؛ لأن الفعل أسند لغير فاعله بخلاف : لا تعد يا سيدي كذلك هنا ليس المنهي التكاثر ، وإنما المنهي المفعول.
قال : وعادتهم يجيبون بأن ذلك إنما هو في الفاعل الذي يمكن وقوع الفعل منه ؛ لأن وقوع الرؤية هنالك من كل واحد منهما ممكن حقيقة ، وأما هنا فالتكاثر معنى لا يمكن وقوع الفعل منه بوجه ، وانظر ما تقدم في التغابن (لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ) [سورة التغابن : ٩] وفي الغاشية (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) [سورة الغاشية : ١١].
قوله تعالى : (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ).
إن أريد تفاخرهم بكثرة أحياء وأمواتا فماتوا حتى داخل فيما قبلها ، وإن أريد تفاخرهم بكثرة المال إلى أن ماتوا فما بعدها غير داخل ، وزيارة القبور محمودة ، وكان بعضهم يقول إذا رأيت الطالب في ابتداء أمره يكثر من زيارة القبور ، فاعلم أنه لا يفلح لاشتغاله عن طلب العلم بما لا يجدي شيئا.
قوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ).
قيل لابن عرفة : نص ابن مالك وغيره أن سوف أبلغ من التنفيس بالسين ، فكيف يفهم من قول ابن عبد العزيز بعث بالقوم للقيامة ورب الكعبة ، فإن الزائر منصرف غير مقيم ، فقال : لا يتنافيان والتنفيس يصدق بمطلق زمن موصوف بالطول.
أو نقول : سوف للتحقيق والعطف بثم إما تأكيدا.