سورة الجاثية
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ).
قال ابن عرفة : الإشارة إما إلى الإيمان والعمل الصالح ، أو إلى إدخالهم في الرحمة ، وكان بعضهم يرجح الثاني ، بوصف الفوز ، بقوله : (الْمُبِينُ) لأن حصول الفوز الأول مظنون وحصوله الثاني محقق.
قوله تعالى : (فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ).
إن قلت : هلا قيل : فأجرمتم وكنتم قوما مستكبرين؟ فالجواب : الاستكبار أمر معنوي والإجرام أمر فعلي حسي فناسب التعبير عنه بالاسم المقتضي للثبوت.
قوله تعالى : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ).
قال الزمخشري : أصله يظن ظنا ، ومعناه إثبات الظن فقط دخل حرف النفي والاستثناء ليفيد إثبات الظن ونفي ما سواه ، ثم أكد نفي ما سوى الظن ، بقوله تعالى : (بِمُسْتَيْقِنِينَ).
وقال أبو حيان : لا يجوز أن تقول : ما ضرب إلا ضربا لعدم الفائدة ، وأجابوا بثلاثة :
أحدها : أنه على حذف الصفة ، أي إلا ظنا ضعيفا.
ابن عرفة : وأول ما ورد في مختصر أبي حيان [...] أبو الفضل ابن أبي مدين ، فنظرنا فيه هذه المسألة.
فقال بعض نحاة التونسيين حينئذ : ما نصر أحد على منع هذا ، وكتاب سيبويه والفارسي وأبي ... (١) ابن عصفور وغيرهم لم أرى أحدا منهم منع أن يقال : ما ضرب إلا ضربا وعلى تقدير تسليم هذا فإنما ذلك في الماضي لوقوعه على صفة واحدة وانقطعت بحيث لا يعلم لها التغيير ، وأما المضارع فيكون تغييره وتبدل صفة المقدرة الوجود لعدم ... (٢) فيتطرق إليه الاختلاف والتنويع ، فلما أكره أفادنا كفرهم أنهم لا
__________________
(١) بياض في المخطوطة.
(٢) بياض في المخطوطة.