قوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ).
ابن عرفة : السؤال على قسمين : سؤال استرشاد ، وسؤال لفت واستهزاء ، فالأول : يستدعي الجواب ، والثاني : لا يستدعيه وهذه الآية من الثاني ، فلذلك عدل عن الجواب.
قوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
وجمع الجنات وأفردها في سورة التوبة ، فقال تعالى (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [سورة التوبة : ١١١] فالجواب : عن الأول أن آية الطور تقدمها : (إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) [سورة الطور : ٧] ، فناسب تعقيبه بنقيضه وهو النعيم ، وعن الثاني أنهم باعوا أنفسهم في مرضاة الله تعالى ، فأقل ما يصدق عليه جنة ، وكان أبلغ في مدحهم فناسب إفرادها ، وأما هنا فلما كانوا في غاية إتيان بالتكاليف ناسب الجمع.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ).
هذا تعليل أحرى أي المتقون في جنات ذات عيون لتقواهم وإحسانهم ، قال ابن عرفة : وكان يمشي لنا سؤالا وهو ما السر في ذكر القبلية مع أن لفظة كانوا يدل عليها.
قال : والجواب : إن كان يدل على اقتران الفعل بالجملة في الماضي وهي ظاهرة في الدوام فيحتمل عدمه ، فلما يقبل ذلك أفاد أن يكون في كون قبلية سابقة ، وإنما قال : (وَبِالْأَسْحارِ) ولم يقل : وفي الأسحار لأن الفاء تفيد أن الأسحار من وقت تحققها ظرفا للاستغفار ولا تدل على أن الاستغفار يكون منهم قبلها بيسير ، والباء تفيد الإلصاق وأفادتها الاستغفار أبلغ.
قوله تعالى : (وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).
وقال تعالى في سأل سائل حق معلوم ، قال : والجواب أنه لما صدر في سأل سائل بذم الإنسان في كونه (خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً) [سورة المعارج : ١٩ ، ٢٠] ، وأخرج منهم المسلمين بمدحهم فناسب ذلك الإطناب بذكر المعلومية أو ما تبرئه الذمة ، وهنا لم يصدر بمدحهم في كل الأحوال وارتفاع درجتهم حتى كان أموالهم كلها للسائل لم يخص معلوما فكان عدم ذكره أبلغ ، فقال : كذا كان يمشي لنا.
قوله تعالى : (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ).