أي تعاظمت عظمته وتفسير الخطيب : الجد بالأصل خطأ ، واعتقاده كفر ، وعبر بالولد ليشمل الذكر والأنثى فيكون ردا على الجاهلية في قولهم : الملائكة بنات الله ، وعلى اليهود في قولهم : عزير ابن الله ، وعلى النصارى في قولهم : المسيح ابن الله ، فإن قلت : ففي المصاحبة [٨١ / ٤٠٤] يستلزم نفي الولد بما أو نفيه ، فالجواب : إما أن نقول أنه دلالة المطالبة أقوى من دلالة الالتزام ، وإما كون الصاحبة سبب في وجود الولد إنما هو سبب مادي لا عقلي.
قوله تعالى : (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً).
هذا اعتذار منهم ؛ أي كنا نعتقد أن لا يكذب أحد منا ولا من غيرنا على الله ، وهو ظاهر إن قلنا إن العقل خلا من سمع ، وإن قلنا أنه لم يخل قط من سمع ؛ فيكون المراد بعض الإنسان وبعض الجن ، وهم الذين شاهدوهم ورأوهم ، ويكون البعض الآخر وهم المؤمنون والمصدقون بوجود الله ووحدانيته لم يرهم ولا بلغتهم مقالتهم ، فحينئذ يصح أن يكون هذا القول عذرا لهؤلاء ، وإلا فيقال سمعتم فدل الكاذبين من الفريقين ، وقول الصادقين فصدقتم الكاذبين واتبعتم قولهم لغير موجب ، وتركتم قول الصادقين فلا ظن لكم.
قوله تعالى : (حَرَساً شَدِيداً).
قيل : اسم جمع ، وقيل : جمع حارس ، فإن قلت : وصفه بالمفرد يدل على أنه ليس بجمع ، قلت : نص المبرد على أنه يصح وصف جمع التكسير بالمفرد وهذا خلاف كلام الزمخشري لاستدلاله على أنه اسم جمع بوصفه المفرد ؛ فمفهومه أنه لو كان جمعا لما وصف بالمفرد.
قوله تعالى : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ).
هذا دليل لأهل السنة في أنهم أجسام متحيزة خلافا للمعتزلة ، وورد أنهم كانوا يقعدون واحدا فوق واحد حتى يقرب السماء.
قوله تعالى : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ).
من الشرطية تدل على الاستقبال دلالة ظاهرة ، والآن تدل على الحال دلالة نص ، فلا تناقض بينهم فصح أنه حال ، فإن قلت : على هذا يكون منع الشياطين بالشهب عن استراق السمع خاصا بذلك الزمان ؛ مع أن المشاهد أقامته واستمراره في المستقبل ، قلت : إنما جاء الخصوص من مفهوم الزمان في الآن ولنا أن نقول : إن المفهوم هنا غير معبر.