قوله تعالى : (عَلى عَبْدِهِ).
في لفظ العبد رد على الحكماء القائلين : بأن للأنبياء اختصاصا زيادة في ذاتهم بالطبع ، ونحن نقول النبوة ، إنما هي فضل الله يؤتيه من يشاء ، ولا خصوصية لهم في ذواتهم ، فعبر بلفظ العبد تنبيها على أنه من جنس العبيد.
قوله تعالى : (آياتٍ بَيِّناتٍ).
ويحتمل أن يريد القرآن والمعجزات ، فإن قلت : كيف يفهم هذا مع قوله تعالى :
(مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [سورة آل عمران : ٧] ، هي تنبيه على الجملة من حيث فصاحتها ورصافتها ودلالتها على حكمة منزلها.
قوله تعالى : (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ).
أفعال الله الراجعة لذاته ، غير معللة ، وأما ما يتعلق بالمكلفين فهي معللة عند المعتزلة عقلا ، وعندنا نحن يجوز تعليلها شرعا ، فأتى هذا على أحد الجائزين فهو من باب ربط شيء بشيء ، لا على معنى التعليل ، الفخر : قال القاضي : فيها حجة للمعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يرد الكفر ، بقوله تعالى : (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ) ، فظاهرها أنه أنزل الآيات ليؤمن الجميع ، فآمن البعض ، ودام الآخرون على كفرهم ، انتهى ، يجاب : بأن المراد آيات بينات صالحة لأن يخرجكم بها من الظلمات إلى النور ، أو هي سبب لإخراجكم من الظلمات إلى النور.
قوله تعالى : (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ).
تقدم في سورة براءة تقديم الرءوف على الرحيم في الذكر من كلام الفخر ابن الخطيب في شرح الأسماء الحسنى.
قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ).
إن قلت : لم قال قيل : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ) بلفظ المضارع المحتمل للحال ، والانتقال ، وقال هنا : لكم أن تنفقوا بلفظ المستقبل ، لأن أن تخلص الفعل للاستقبال بلا خلاف ، وإما لا فختلف فيها هل تلخصه للاستقبال أو لا؟ وعلى تقدير تسليم أن لا تخلص الفعل للاستقبال اكتفائها في الآيتين ، فلم زيدت معها هنا أن ، فالجواب : أن الإيمان يمكن حصوله من المكلف في الحال ، لأنه من أفعال القلوب ، فناسب لفظ الحال ، والنفقة في سبيل الله لا يقدر المكلف على فعلها حين الأمر بها ، بل في الاستقبال ، ولا سيما مع قولهم إن المراد النفقة في الجهاد ، وهذا معلوم بالضرورة لأنا الآن في زمن جلوسنا إذا أمرنا أحدنا باعتقاد رجل أو تصديقه أو تكذيبهم ، يمكننا