سرح لحيته فله كذا»
أم بصيغة المضارع كقوله : «تسجد سجدتي السهو» وغير ذلك من الجمل الخبرية التي وردت
في مقام الحث والبعث نحو الفعل ، فيكون المعنى : إذا بلغ الشخص شيء من الثواب على
عمل فليعمله ، وعلى هذا يصح التمسك بإطلاق البلوغ والقول باستحباب العمل مطلقاً.
ثمّ إنّ كون
الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء وأنّها في مقام بيان استحباب العمل ، يمكن أن يكون
على أحد وجهين :
أحدهما : أن تكون
القضية مسوقة لبيان اعتبار قول المبلغ وحجيته سواء أكان واجداً لشرائط الحجية أم
لم يكن ، فيكون مفاد الأخبار مسألة أُصولية ، فإنّه يرجع مفادها إلى حجية الخبر
الضعيف الذي لا يكون واجداً لشرائط الحجية ، وفي الحقيقة تكون أخبار من بلغ مخصّصة
لما دلّ على اعتبار الوثاقة أو العدالة في الخبر وأنّها تختص بالخبر القائم على
وجوب الشيء ، وأمّا الخبر القائم على الاستحباب فلا يعتبر فيه ذلك.
ثانيهما : أن تكون
أخبار من بلغ مسوقة لبيان أنّ البلوغ يحدث مصلحة في العمل بها يكون مستحباً ،
فيكون البلوغ كسائر العناوين الطارئة على الأفعال الموجبة لحسنها وقبحها والمقتضية
لتغيير أحكامها كالضرر والعسر والنذر والإكراه وغير ذلك من العناوين الثانوية ،
فيصير حاصل المعنى هو أنّه يستحب العمل عند بلوغ الثواب عليه كما يجب العمل عند
نذره» .
أقول : جريان
القول بكون «الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء» في الأحكام الاستحبابية والتنزيهية
بعيد جداً ، لأنّ دلالتها على البعث والالزام يكون غالبا آكد من دلالة صيغة الأمر
أو النهي على ذلك فانّ الشارع إذا يقول : يغتسل ، يسجد ، يصلّي وأشباه ذلك ،
فكأنّه أخبر عن تحقّق هذه الأفعال بادّعاء أنّ وقوع الامتثال من المكلّف يكون
مفروغاً عنه ، ومن الواضح أنّ هذا اللسان يناسب الأحكام
__________________