قائمة الکتاب
القول في سورة القيامة
٦٦٦
إعدادات
الإشارات الإلهيّة إلى المباحث الأصوليّة
الإشارات الإلهيّة إلى المباحث الأصوليّة
المؤلف :نجم الدين أبي الربيع سليمان بن عبدالقوي ابن عبدالكريم الطوفي الصرصري الحنبلي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الكتب العلميّة
الصفحات :696
تحمیل
وأجيب عن الأول بأن الوجوه محل الإبصار والإبصار محل الرؤية وآلة لها ، فالوجوه محل للرؤية وآلة لها ، ودل على ذلك استعمال العرب كقول القائل :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
إلى الرحمن تنتظر الفلاحا |
وقول الآخر :
وفى يوم بدر قد رأيت وجوههم |
|
إلى الموت من وقع السيوف نواظرا |
فقد أضاف النظر إلى الوجوه ، وعن الثاني بأن وضع اللغة أن النظر المقرر بإلى يقتضي الرؤية ، فإن لم يكن موضوع اللغة فأكثر استعمال العرب عليه نحو قوله :
نظرت إلى من حسن الله وجهه |
|
... |
وقوله :
نظروا إليك بأعين محمرة |
|
نظر التيوس إلى شفار الجازر |
وهو كثير ، وهو يحصل المقصود ؛ ولأن غلبة استعماله تدل على أنه الحقيقة.
فأما : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (١٩٨) [الأعراف : ١٩٨] فلم يكن عدم الإبصار لعدم اقتضاء اللفظ له ، بل لأن المشار إليهم هم الأصنام وهم جماد ليس لهم آلة الإبصار كما سبق في آخر «الأعراف» ، وعن الثالث بأنه خلاف المتبادر إلى فهم كل سامع ، والصحابة ومن بعدهم إنما فهموا أن إلى حرف جر حتى ظهر المعتزلة بتأويله ، ثم إن ما ذكروه لا يصح ؛ لأن الكلام وهم في الجنة والنظر إلى النعيم فيها لا يعد نعمة ؛ إنما ذلك الموضع محل تناول النعم والالتذاذ بها لا محل النظر إليها ، وانتظارها هناك غير مناسب ؛ لأن الانتظار ـ كما قيل يورث الصغار ، ثم إن النعم في الجنة حاصلة فانتظار مناف لحصولها أو تحصيل الحاصل.
قوله : ما ذكرتموه ، ظاهر في الرؤية ، قلنا : بل قاطع لتبادر الفهم / [٢١٢ أ / م] إليه ، وإجماع السلف على فهم الرؤية منه ، وهم أهل العصمة الإجماعية واللسان العربي ، سلمنا أنه ظاهر لكن لا نسلم أن عندكم قاطعا يعارضه.
قوله : إن الرؤية تقليب الحدقة إلى جهة المرئي.
قلنا : هذا على اختلاله لا يضر ؛ لأن مثبتي الجهة يلتزمونها ، ووجه اختلال هذا القول أن الرؤية ليس نفس تقليب الحدقة بل هي نوع إدراك يلزمه تقليب الحدقة فتقليب الحدقة من لوازم الرؤية لا أنه نفسها ، وأما من لا يثبت / [٤٣٧ / ل] الجهة كالأشعرية ، فإنهم يفسرون الرؤية بنوع كشف نسبته إلى الرب ـ عزوجل ـ كنسبة الرؤية إلى المرئيات.